الثلاثاء، 26 مارس 2013

رسالة القاضي / محمد المختار المعروف بأمَّدْ في القرن الحادي عشر الهجري


رسالة القاضي / محمد المختار المعروف بأمَّدْ بن الولي الجليل محمد أحمد بن البشير إبن محمد إبن يوسف السوقي 
( بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على طه الكريم الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، والعاقبة للمتقين ، وبعد : فمن القاضي محمد المختار المعروف بأمَّدْ بن القاضي محمد أحمد بن الشيخ البشير بن الشيخ القطب الرباني محمد بن يوسف المعروف بإدَّ إنْتَكَرَنكَّت إلى أمينه وحبيبه ودرة جيبه ويمينه وشماله عمه وخاله القائم بمهمات الإخوان ثبت الله تعالى قدمه على الصراط في الدنيا والآخرة وجعلها من القائمين في ظلال عرش الله في جوار نبي الله الشيخ الفقيه محمد أسَطَفَنْ وإلى أخويه المباركين الشريف تَسْنِ والفقيه أحمد ابن ذي النورين وإلى ابنه المبارك محمد الهاشمي وإلى جماعتهم الميمونة وإلى جميع إخواننا إبَيْبَتَنْ وإلى جميع أولاد دَاغْمَنَّ وإلى جميع بني إسحاق وإلى جميع المسلمين كافة مسلما عليهم غاية السلام ومهديا إليهم أزكى التبجيل ومعلما لهم بأن سبب الحروف إلى قطرهم الجليل وظلهم الظليل ، بعد تجدد التحية بدمع القلم ، إذ لم تتهيأ بعد بنقل القدم ، أن أخانا باب بن محمد قدم علينا مشتكيا أنه غصب من يده عبد لأم له ضغيفة هي عمة لنا وخالة ، وله ولصغيره شضركة فيه بمجرد زعمه جناية على طرف صبي لألْكَسْ بن عال من غير قرينة تنضاف إلى ذلك فأفتاهم بعض إخواننا من بني أغْمَنَّ بتملك العبد إفتياتا علينا وعلى الشريعة فإن وصل إليكم فخذوا على يد الظالم وردوا إليه عبده لأن إقرار العبد كما هو معروف بل مجمع عليه كما رواه الإمام ملك فيما يلزم سيده غرما لا يقبل اللهم إلا أن تقوم قرينة تدل على صدق العبد فيعمل بإقراره معها كما في مسألة البرذون في المدونة ، وهذا حيث لا يتهم العبد بالفرار عن مولاه ، فإن أتهم فأحرى أن تحقق عوقب بنقيض 
قصده وأدب على حسب جرمه بخروجه عن طاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بنزع يده من سيده ) ومر إلى أن قال : بعد جلب ما اعتمده من النصوص على إبطال الفتوى المذكورة ما لفظه : ( تأملوا رحمكم الله هذه النصوص تستفيدوا من مجموعها أن إقرار العبد فيما يلزم بدنه إنما يعمل به إذا لم يتهم على الفرار من مولاه فإن أتهم بذلك لم يعمل بإقراره ولو قامت عليه بينة كما هو مقتضى القواعد المالكية من معاملة الشخص بنقيض مقصوده الفاسد ، ومن سد الذريعة الفاسدة ومن حماية الكليات الخمس التي هي الأموال والنفوس والأديان والأنساب والأعراض التي اتفق على وجوب حفظها في جميع الأديان كما نقله القرافي في تنقيح الفصول إلى علم الأصول " ومن اعتبار المصلحة المرسلة كما هو مذهب الإمام مالك ، وقد ألفنا في توضيح النازلة " رسالة تبلغ كراسة " والعجب العجاب أن العلة التي من أجلها منع إقرار العبد فيما يلزم رقبته هي التهمة فلما تحققت وتيقنت وتبين أن لا سبيل إلى المقصد الذي اعتزاه العبد صار ذلك المانع هو السبب وذلك قلب لحقائق وجهل بالمقاصد ولا يسمى الحاكم به عاقلا فأحرى عالما فأحرى مفتيا . والسلام عليكم ) . 



أقول أما المسلم عليهم في أول الكتاب فلا يدرى من أي الشعوب نجارهم وإن كان لهم ذرية فلا تُدرى أخبارهم ، وأما إبَيْبَتَنْ فقبيلة من قبائل إمُوشَاغْ انقرضوا قديما في أرض آيَرْ وبقي عبيدهم هناك يسمون بأسماء ساداتهم ، وأما بنوا أغَمَنَّ فموجودون في الوقت الحاضر في أرض طَاوَ ، وبنوا إسحاق موجودون فيما بين أنْسَنْكُ ومَنَكَا وقد صاروا أحياءا وبطونا فيهم أمراء وعلماء ولكن لا علاقة بينهم وبين جميع من يشركهم في الخطاب المذكور فالله أعلم هل كان سلفهم وقت الخطاب مع بني أغْمَنَّ في وطنهم الذي كانوا فيه الآن من أرض طَاوَ أو كان بنوا أغْمَنَّ معهم في المساكن الحالية ثم انتقلوا إلى أرض طَاوَ أو كان الجميع ببلاد آيَرْ التي انقرضت فيها قبيلة إبَيْبَيَتَنْ ، وأيا ما كان قطرهم غير القطر الذي يسكنه المرسِل وإنما أرسل إليهم لاتساع دائرة قضائه وأمره ونهيه . انتهى
 نقل عن كتاب الجوهر الثمين 

الاثنين، 18 مارس 2013

رسائل السوقيون في القرن العاشر الهجري





رسالة الشيخ محمد بن عال السوقي 
( الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين من عبد جميع المسلمين وجميع المؤمنين في الله محمد بن عالّ إلى جميع أهل السوق علمائهم وجهالهم وخواصهم وعوامهم ، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
أما بعد : فأسباب التنافس والتحاسد عندكم ثلاثة أشياء : القضاء والإمارة وكثرة الجيران والأتباع فيعلم الله سبحانه الذي من نسب إليه علم ما ليس كذلك في علمه فهو كافر باجـ...برآتي منها ، والإمارة عندي كالكفر ، والقضاء عندي كأكبر الكبائر ، والجيران عندي .... حالت بيني وبين جنة في الدنيا أتنعم بها دينا ودنيا حتى أنتقل فيه وكفى بالله علما وكفى بالله شهيدا ، ويعلم الله الذي يعلم السر وأخفى ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء أني لأحب أن يكون لي جار ولا صاحب قريب أو أجنبي إلا من يعلم الله أنه لا سبب لمصاحبته لي إلا المشاركة في دوام فكر وعبادة لا يفتر فيها وغير من هذه صفته فأبغض كوني معه كبغضي كوني في النار ، ولولا خوف قطع الله سبحانه سبحانه لقطع عباده لقطعتهم ولقد عزمت على ذلك عزما صميما يعلمه الله تعالى فأراني من العبر والآيات ما هو أعلم به ولو جاوزته لقطعني كما قطع الشيطان فصاحبتهم بقهره وخدمتهم بأمره وصرت راعيا لهم قائما عليهم وعلى أموالهم وجعلت نفسي فداء لأنفسهم وعيالي فداء لعيالهم أدفع عنهم جميع الجبابرة وجميع الظلمة من جميع الناس في البلاد حتى سقط فمي وعمى بصري وفني جسدي بشدة الجوع والعطش ودوامها عليّ في اتباع جنود المغيرين عليهم في رد أموالهم ولا يرحمنى أحد منهم بشربة ماء ولا لبن فمت مرات فأحياني الله بلطفه الجميل ولا أطلب الأجر إلا من الله تعالى والأجل ما علمه الله تعالى من أني ما قمت عليهم وخدمتهم إلا فيه ، منعني من نفع يحصل لي منهم ولو شربة ماء في عطش ، لئلا ينقص أجري والحمد لله والشكر له على ذلك وأنا فارح بذلك غاية الفرح لا حازن عليه أدن... حزن إذ  ليست الدنيا دار جزاء المؤمنين ، وإنما قلت جعلت نفسي فداء لأنفسهم وعيالي فداء لعيالهم وعلمي فداء لعلمهم لأنهم لا يتكلفون مشقة في اتباع أموالهم بل لا يتبعونها خوفا من العدو والمغيرين فيها أن يقتلوهم ، وخوفا من العطش والجوع وأنا أتبعهم بعلم الله بلازاد ولا ماء أياما وليالي ولا أبالي من قتلني منهم وهم يكتمون أنفسهم عنهم وأنا بنفسي ألاقيهم ، وكلهم يتسببون لعيالهم بالتجارات والأسفار ، وأنا لا أتسبب لعيالي بسبب من الأسباب ولا بسفر من الأسفار وفارقت عقد المجلس لهم لاشتغالي بمدافعة الجبابرة والظلمة عنهم وصاروا كلهم والحمد لله أغنياء وصار عيالي فقراء وكلهم يعقدون مجلس للعلم وأنا لا أعقد مجلسا للعلم حتى كأني جاهل مع أني عالم بحقيقة جميع الفنون بفتح رباني صير جميع الفنون في قلبي كنطة حتى عزمت في صغر سني وشبابي على أن أولف في كل فن تأليفا يوضحه لجميع المسلمين كالشمس فشغلني عن ذلك مدافعة فتن أخر القرن العاشر وما بعده عن السوقيين خصوصا وعن جميع المسلمين عموما ، ترجيحا للدفع عنهم على التأليف المذكور فأعانني الله الذي قال في كتابه { ولينصرن الله من ينصره } بما علمه في قلبي فكنت لهم ولجميع المسلمين في الرباط الدائم والجهاد القائم حتى فني جسدي في راحة أجسادههم ، واشتغلوا بالتعلم والتعليم وجمع المال وأنا وعيالي في جهل وفقر ، وكثرة شدة بكاء عيالي يقولون لي : السوقيون وجميع المسلمين اشتغلوا بالتعلم والتعليم وجمع المال فكن بنا على ما كانوا عليه وما أصابهم أصابنا وما نجوا منه نجونا منه ، وأقول : لهم أتركوني في هذا الدفع وهاجروا إلى غيري من العلماء يعلموكم ، ولولا هذا الدفع ما بقي من يتعلم ولا من يعلم ، فيقولون لي : نجاتنا أو هلاكنا مع المسلمين أحب إلينا من أحب إلينا من اشتغالهم بتعلم والعلم وتعليمه وبجميع المال دوننا وقد منّ المنان سبحانه في صغري وشبابي بغنائي به عن غيره فكنت بمجرد فضله وكرمه  
ولطفه في عالم الملكوت لا في عالم الملك فلا أعلم غيره ولا أرى ولا أسمع إلا ذكره وعلمه وعبادته ، ومحال عندي أن أكون إلا على ما كان أهل عالم الملكوت من دام الذكر علما وعملا بلا فترة فأصابني شؤم هذا البلد المشؤم هو وأهله القاطعون لعبادة الله بسبب ما وقع بين الأستاذ محمد بن أبي محمد وبين خالي عمر بن السيوطي (1)رحمه الله فعزم الأستاذ عزما صميما لا دواء له على الركوب إلى أسْكي داوود فجفت من ذلك فتنة يهلك بها جميع السوقيين دينا ودنيا فقلت له أنا نائب عنك فسكن غضبه فنبت عنه حتى سكن الله غضبه والله أعلم . فرجعت إلى عبادة الله وتأليف العلم حتى وقع بين القاضي محمد إبراهيم وبين خالي عبد الرحمن بن السيوطي مثل ذلك لأجل طلبه الصلاح منه فغضب عبد الرحمن غضبا شديدا عزم به على قطع مادة جميع السوقيين فأمرني القاضي بمعانة على دفعه فأبيت حتى حلف أن لم أعانه على دفعه ليهربن من هذه البلاد أبدا فأعنته عليه بالله ، ثم رجعت إلى العبادة والتأليف حتى نزلت فتنة جَوْدَرْ فملأت ما بين السماء والأرض فقمت بدفعه في الله فأعانني الله وعظم حرمتي وجاهي عندهم إلى اليوم ، فملأ الشيطان قلوبكم من حسده ما لم أر ولم أسمع مثله ففرحتم فرحا ظهر لجميع الناس بما وقع على بيتي وكتبي وأهل حي من جند شعبان وقلتم الحمد لله الذي أحيانا حتى ذهبت حرمته وجاهه وعمل لزوجته ما لم يعمل لأمة من الإماء ، وهذا ضد ما وجب عليكم من شدة الحزن والأسف على منزلة عبدكم عوضا نفسه من أنفسكم وعياله من عيالكم وعمله من عملكم يقر عند كل من عظم الله حرمته عنده بأنه أسفل من جميعكم وأنكم أعلم منه وأعز منه وقد سماني بعضكم إلها من دون الله فتبت إلى الله من الدفع عنكم الذي سميت به إلها وتبرأت من مشاركتكم فيما سوى الإيمان بالله وعبادته حتى ألقى الله كبراءتي من إبليس وجنوده ، والإنسان لا يحسد عبده بما فتح الله عليه من الجاه والحرمة ، لأن منفتهما له وإنما يحسد من ينافسه وينكر عليه والسلام ) .
__________
(1) 1 ) السيوطي هذا رجل من السوقيين لقب بهذا اللقب تبركا بجلال الدين السيوطي لا لأنه من قرية أسيوط التي ينتسب إليها جلال الدين السيوطي الشهير ووهم بعض النسابين فزعم أن السيوطي المصري هو الذي تنتسب إليه جماعة السوقيين مع أن المصري صرح كثير من المؤرخين بأنه لا عقب له وزمانه قبل زمان هذا السوقي بقليل . المؤلف
المصدر : كتاب الجوهر الثمين- للشيخ  العاتيق بن سعد الدين الإدريسي السوقي
*********************

وهذه رسالة أخرى للشيخ 

( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد : فيقول عبيد الله أحمد بن الشيخ وقع السؤال عما حدث وفشا من تخطئة بعض متعلمي ما وراء أزَوَغْ من يسمي مولانا جل وعز وعلا باسم " يَلَّ " بالياء والمفتوحة وللام المفتوحة المشددة بعض بتفخيم اللام وبعض بترقيقها ، والمخطئي متمسك في التخطئة بالوقوف على أن أسمائه تعالى توقيفية ولعله لم يفتش ولم يمعن النظر في المسألة حتى يعرف الخلاف فيها أولا ثم يعرف محله كما يدل عليه استمراره على التخطئة وقوله منذ سنين " إكَاكْ الله الخير ، إكْفِكْ الله الخير " (1) ونحو ذلك مما أدركه (2) متدولا بين جميع أهل اللغة البربرية تأثما ، ولو أمعن النظر وحرر النقل في المسألة لكف عن التخظئة المستلزمة لتخطئة جميع أهل اللغة البربرية وأليائها ، أولهم وآخرهم لأنه ائيَلّ بتفخيم اللام هو اسمه تعالى في لغتهم كما يدل عليه تواطئي صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم وعالمهم وجاهلهم ومن لهم منهم حظ في العربية بالتعلم ومن لا علم له بخلق اللغة العربية فكيف بتعلمها ، وللغة كما في مطالع المسرات بشرح دلائل الخيرات أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم ومقاصدهم وهذا يشمل كل لغة . إهـ فإذا تأمل المنصف ما ذركر وانطباق اللغة عليه عرف أن يَلَّ اسم مولانا عز وجل بلغتنا أهل اللغة البربرية فلا يبقى إلا جلب النقول المزيلة لأشكال المسألة المبينة لصورتها ولمحل الخلاف فيها فيظهر بذلك أن المخطئي أجدر بالتخطئة ، فأقول والله المستعان : قال الأجهوري في شرحه لعقيدة أبي محمد بن أبي زيد
__________
(1) 1 ) معنى إكَاكْ فعل بك ، ومعنى إكْفِكْ أعطاك . إهـ
(2) 2 ) لعل الصواب ويجدها عما أدركه . إهـ

تنبيهات الأول الأصح أن أسماؤه تعالى توقيفية فلا يطلق عليه إلا ما ورد به الكتاب والسنة المتواترة ، وأجمعت عليه الأمة كالباعث ، قال الشاذلي عند قوله الباعث الرسل ..إلخ ، الباعث اسم من أسماء الله تعالى من غير خلاف ثبت بالإجماع ، وقال : عند قوله كلم الله موسى قال الفحولي في شرح الأسماء الحسنى أجمع أهل السنة على أن الله تعالى يوصف بأنه متكلم وقد ورد فعله في القرآن وذلك يتخرج على الخلاف في تسميته بما لا يوهم نقصا ولم يرد فيه إذن . إهـ وهل يطلق عليه تعالى ما ورد آحادا ؟ مذهب الجمهور نعم محتجا بقوله تعالى { أتقولون على الله ما لا تعلمون } وخبر الآحاد لا يفيد العلم ، وأجيب بأن هذا من باب العمل وهو يكفي فيه خبر الآحاد قاله عج عند قوله المدبر . وقال الشاذلي في شرح العقيدة الألى من الرسالة قال المشدالي أن أسماء الله توقيفية فما ورد فيه الأذن أو المنع عمل به ، وما لا إذن فيه ولا منع فإن لم يوهم اللفظ فسادا نمنع ما يوهم بالأولى ، وإن لم نمنع ففي إطلاقه ما يوهم الفساد خلاف . إهـ قلت ظاهر كلام غيره منع إطلاق ما يوهم الفساد اتفاقا ، قال : في المقاصد محل النزاع ما اتصف الباري سبحانه بمعناه ولم يرد إذن فيه ولا منع منه ولا ما يبين المراد به وكان مشعرا بالجلال من غير وهم إخلال . إهـ ومر مؤلف الرسالة إلى أن قال : وقد اتفق العلماء على أن الله تعالى لا يسمى إلا بما سمى به نفسه وسماه به رسوله ــ صلى الله عليه وسلم ــ وانعقد عليه الإجماع ، ثم اختلفوا هل من شرط الاسم أن يكون مصرحا به لا غير أو لا فرق بين المصرح به أو مشتق من فعله للاتفاق على أن كل فعل لا بد له من فاعل إما ظاهر وإما مضمر وإما مقدر وهو الصحيح عند أهل النظر ما لم يمنع مانع من الاشتقاق بأدائه إلى صفة مستحيلة على الله تعالى نحو ماكر من يمكر ، ولاعن من يلعن ، وناس من نسيهم ، وما جاء من ذلك في مقابلة أو مجازاة . انتهى

وقال السيوطي في الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع :
ثالثها الاسم فقط دون الصفه ... أسماؤه سبحانه موقوفه
والفعل والمظنون في المعتبر ... ويكتفي بمرة والمصدر
وقال : في شرحه الصحيح وهو مذهب الأشعري توقيفية فلا يجوز أن يطلق عليه شيء من الأسماء والصفات إلا أن ورد به نص من كتاب أو سنة ، وقال القاضي والمعتزلة يجوز أن يطلق عليه الأسماء اللائق به معناها وإن لم يرد به الشرع ما لم يوهم نقصا ، واختار العزالي الفرق بين الاسم والصفة فشرط التوقيف في الاسم دونها ، وعلى الأول هل يكتفي بالاطلاق مرة أو لا بد من التكرار والكثرة فيه رأيان حكيا بلا ترجيح ، وقد صححت الأول لأنه الظاهر من صنيع العلماء ، وهل يتكتفي فيه بخبر الواحد ؟ الظاهر هو كسائر الأحكام أو يشترط وروده بلفظ الوصف ، أو يكتفي ورود الفعل والمصدر ، قال البلقيني ظاهر كلام الشافعي في الرسالة ... فإنه قال : في خطبتها الجاعلنا من خير أمة . إهـ وقال النجاري في حاشيته على شرح جمع الجوامع لجلال المحلي قد نبه السيد قدس الله سره في شرح المواقف على أنه قيس الكلام في أسمائه تعالى على الأعلام الموضوعة في اللغات إنما النزاع في الأسماء المأخوذة من الصفات والأفعال . إهـ ونحوه للشيخ يس في حاشيته على شرح أم البراهين للشيخ السنوسي وقال الشيخ زروق في شرح أسماء الله الحسنى ، الثانية : أي من المسائل أن الأسماء توقيفية فلا تثبت إلا بنص أو إجماع على الصحيح ، وأثبتها قوم بالاشتقاق من الأفعال والصفات أو ما جاء من الصنيع في الدعوات وغيرها وهو مرجوح عند العلماء ملحوظ عند الصوفية وعليه جرى الشيخ البوني وانتهى في تقسيمها إلى مائة ونيف وخمسين والله أعلم .إهـ )


****************


ومن أقدم مااطلعنا عليه من هذه الرسائل رسالة الشيخ العلامة محمد بن عال الإدريسي السوقي, وهو من علماء القرن العاشر ولد عام 960هـ وتوفي 1030 إلى ملك (سنغاي ) اسكيا اسحاق (1) بن اسكيا داود يعلمه فيها بأصول السوقيين وأنهم من ذرية الصحابة وأنهم أهل علم وعمل وليسوا كغيرهم ممن في جوارهم يحثه فيها على احترامهم والعناية بهم يقول فيها مانصه:( اعلم أن السوقيين أصله (لإمرون)(2) والسوق الذي ينسبون إليه بلد في (آضاغ)(3) نزلته الصحابة في آخر غزواتهم فبنوا فيه مدنا عظيمة وجامعا ومصلى ومساجد وحفروا فيه آبارا كثيرة عدده أيقش يعني -ألف ومائة وأحد عشر- ونشروا فيه العلم وولدوا فيه فرجع من رجع وبقي كثير.. إلى أن قال: إن (إمرون) ذرية الصحابة بلاشك وخالهم عقبة المستجاب وقد ورثوا العلم والدين من آبائهم إلى اليوم والحمد لله تجد صبيا صغيرا منهم يغلب الكبار من غيرهم كحال أجدادهم من أهل (الحجاز )يحفظون فنون العلم كلها وما تغير دينهم منذ خلقهم الله تعالى إلى هذا اليوم بسبب من الأسباب وبذلك يعرفون في جميع البلاد وكل من شهد عند القاضي الأكبر الأستاذ النقي الذي لم ير مثله في بلادكم ولا في غيرها المجمع على علمه ودينه وعدالته صاحب تنبكتو محمود رحمه الله (4)يطلب تزكيته إلا السوقيين فإنه قطع بأمانتهم وعدالتهم وقال : لا نطلب تزكيتهم وقد جربناهم فوجدنا أصلهم خالصا تابعين لأجدادهم في العلم والدين الخالص) ثم قال محمد بن عال وقد كان منهم أولياء كبار كالحاج الشيخ الكبير أبي الهدى وقاضي جدك أبي عمر الداني ومن لايحصى كثرة. ..إلخ(5).
-
(1) اسكيا اسحاق بن اسكيا داود يطلق عليه لقب اسحاق الثالث هو آخر ملوك مملكة (سنغاي) السودانية وهو الذي خاض الحرب ضد التدخل العسكري المغربي وانتهى الأمر بعد معارك إلى انهزامه وتفرق جيشه وذهاب ملكه.
(2) إمرون اسم يجمع العديد من قبائل السوقيين الذين بسكنون قرب البحروكانوامن الزعامات الدينيةالسوقية التي لعبت دورا في تلك الفترة التي تحدث عنها محمد بن عال \الجوهر الثمين ص 123مخطوط.
(3)أضغاغ يطلق لدى طوارق الساحل الشرقي والغربي لنهر النيجر على مايسمى الآن بمحافظة (كيدال)
(4)هوالفقيه القاضي العاقب بن القاضي محمود بن عمربن محمد أقيت (868 -955هـ،
(5) انظر الجوهر الثمين في تاريخ الملثمين ص\203 مخطوط


السبت، 16 مارس 2013

الحكم والآداب


 ((( الحكم والآداب))))
التي نطق بها الحكماء والعلماء 
 قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: الحكمة ضالة المؤمن.
===
 وقال علي عليه السلام: لكل جواد كبوة، ولكل حكيم هفوة، ولكل نفس ملة فاطلبوا لها طرائف الحكمة.
====
وقال: الفكر يورث نوراً، والغفلة ظلمة، والجهالة ضلالة.
===
قال ابن مسعود رضي الله عنه: العلم أكثر من أن يحصى فخذوا من كل شيء أحسنه.
===
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: انظروا إلى من تحتكم ولا تنظروا إلى من فوقكم.
====
وقال أيضاً صلّى الله عليه وسلم: جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها.


ومن كلامه أيضاً: 



(1)-كرم الرجل دينه ومروءته عقله، وحسبه عمله 



(2)-خير الأمور أوساطها 



(3)-كل ميسر لما خلق له 



(4)-زر غباً تزدد حباً 



(5)-الوحدة خير من جليس السوء 



(6)-البركة في الحركة 



(7)-بلو أرحامكم ولو بسلام 



(8)-من كثر سواد قوم فهو منهم 



(9)-ما قل وكفى خير مما كثر وألهى 



(10)-ليس الغنى كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس.



و يقارب هذا المعنى قول علي بن أبي طالب عليه السلام: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك ويكثر علمك.
=====
وقال أبو بكر رضي الله عنه: صنائع المعروف تقي مصارع السوء.
===
 وقال علي بن أبي طالب عليه السلام: استغن عمن شئت فأنت نظيره، واحتج إلى من شئت فأنت أسيره، وأفضل على من شئت فأنت أميره.
أخذ هذا المعنى الأول الشاعر فقال: و إذا ما الرجاء أسقط بين النا س كـلـهـم أكـفـــاء 
====
 قال لقمان لأبنه: ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواطن: لا يعرف الحليم إلا عند الغضب، ولا الشجاع إلا في الحرب إذا لاقى الأقران، ولا أخوك إلا عند حاجتك إليه.
====
 قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
أحبكم إلينا قبل أن نخبركم أحسنكم صمتاً، فإذا تكلم فأثبتكم منطقاً، فإذا اختبرناكم فأحسنكم فعلاً0(وفي رواية: أحبكم إلينا أحسنكم اسماً، فإذا رأيناكم فأجملكم منظراً، فإذا اختبرناكم فأحسنكم مخبراً).
====
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذا كان الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة.
====
قال سقراط: السبب الذي به أدرك العاجز حاجته هو الذي أقعد الحازم عن طلبته.
===
وقال فرفوريوس: لو تميزت الأشياء بأشكالها لكان الكذب مع الجبن، والصدق مع الشجاعة، والراحة مع اليأس، والتعب مع الطمع، والحرمان مع الحرص، والعز مع القناعة، والأمن مع العفاف، والسلامة مع الوحدة.
===
وقال أيضاً: لا يرفع أحد فوق درجته إلا فسد، ألا ترى إلى دودة النحل إذا جعلت في العسل كيف تموت? وقال آخر: السهر ألذ للمنام كما أن الجوع أزيد في طيب الطعام، وهذا مطرد في كل نعمة طيباً وموقعاً إذا جاءت بعد ضدها.
===
وقال آخر: من عرف الأيام لم يغفل الاستعداد.
===
وقال حكيم من اليونانين: السعادات كلها في سبعة أشياء: حسن الصورة، وصحة الجسم، وطول العمر، وكثرة العلم، وسعة ذات اليد، وطيب الذكر، والتمكن من الصديق والعدو.
===
وقال معاوية: الدنيا بحذافيرها الخفض والدعة.
===
وقال بعض الأدباء، وقد سئل عن العيش: العيش في الغنى فإني رأيت الفقير لا يلتذ بعيش أبداً، وقال السائل زدني، قال: الصحة، فإني رأيت المريض لا يلتذ بعيش أبداً، قال: زدني، قال: الأمن فإني رأيت الخائف لا يلتذ بعيش أبداً قال: زدني، قال: لا أجد مزيداً.
ومن أقوالهم

قال سلمة ابن دينار

ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم

وما كرهت أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم
=====

قال ابن القيم رحمه الله :

من هداية الحمار -الذي هو ابلد الحيوانات - أن الرجل يسير به ويأتي به الى منزله

من البعد في ليلة مظلمة فيعرف المنزل فإذا خلى جاء اليه ، ويفرق بين الصوت

الذي يستوقف به والصوت الذي يحث به على السير

فمن لم يعرف الطريق الى منزله - وهو الجنـــة - فهو أبلد من الحمار
=========

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

أيها الناس احتسبوا أعمالكم .. فإن من احتسب عمله .. كُتب له أجر عمله وأجر حسبته

======
سُئل الإمام أحمد :

متى يجد العبد طعم الراحة ؟

فقال : عند أول قدم يضعها في الجنة !!
======

قال ابن القيم رحمه الله :

نور العقل يضيء في ليل الهوى فتلوح جادة الصواب .. فيتلمح البصير في ذلك عواقب الامور

========

قال مالك ابن دينار :

اتخذ طاعة الله تجارة تأتيك الارباح من غير بضاعة ..

=======

قال ابن مسعود رضي الله عنه :

من كان يحب أن يعلم انه يحب الله فليعرض نفسه على القرآن فمن أحب القرآن فهو يحب الله فإنما القرآن كلام الله .
=======

قال ابن تيميه رحمه الله :

فالرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيـــا.. وبستان العارفين..

========


قال الامام أحمد :

الناس الى العلم أحوج منهم الى الطعام والشراب لأن الرجل يحتاج الى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين

وحاجته الى العلم بعدد أنفاسه.
======

قال مالك :
إن حقاً على من طلب العلم أن يكون عليه

وقار وسكينة وخشية

وأن يكون متبعاً لآثار من مضى قبله .
======

حكى الشافعي عن نفسه فقال:

كنت أتصفح الورقة بين يدي الإمام مالك

تصفحاً رقيقاً - يعني في مجلس العلم -

هيبة لئلا يسمع وقعها !!
=====
عن بعض السلف :

من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهل ومن صبر عليه آل أمره الى عز الدنيا والآخرة.

=====

قال الزهري رحمه الله :

مــا عُـــبـِد الله بشيء أفضل من العلم
======


قال عمر بن عبد العزيز :

إن الليل والنهار يعملان فيك

فاعمل أنت فيهما .
=====

قال ابن القيم :

الدنيـا مجــــاز والآخرة وطـــن

والاوطار-أي الاماني والرغبات -انما تُطلب في الاوطان
======

قيل لحكيم

.. ما العافية ؟
قال: أن يمر بك اليوم بلا ذنب
=======
قال وهيب بن الورد:

إن استطعـــت ألا يسبقـــك الى الله أحـــد فافعــــــل

واخيرا

للعبد رب هو ملاقيه وبيت هو ساكنه

فينبغي له أن يسترضي ربه قبل لقائه

ويعمر بيته قبل انتقاله اليه
=======

قال عمر بن عبد العزيز :-

الأمور ثلاثة:

أمر استبان شده فأتبعه , وأمر إستبان خبره فأجتنبه وأمر أشكل
أمره عليك فرده إلى الله

قال عمر بن عبد العزيز لجلسائه :-

أخبروني من أحمق الناس ؟

قالوا: رجل باع آخرتة

بدنياه

فقال لهم عمر: ألا أخبركم بأحمق منه

قالوا : بلى

قال: رجل باع أخرته بدنيا غيره



روي عن معاوية أنه قال لجلسائه مرة: وددت لو أن الدنيا في يدي بيضة نيمبرشت وأحسوها كما هي. وهذا خبر غريب بعيد أورده الزمخشري اللغوي في كتابه المعروف بربيع الأبرار.
======

كتب على عصا ساسان: الحركة بركة، والتواني هلكة، والكسل شؤم، والأمل زاد العجزة، وكلب طائف خير من أسد رابض، ومن لم يحترف لم يعتلف.
=====

لقي كعب عبد الله بن سلام فقال: يا ابن سلام من أرباب العلم? قال: الذين يعملون به. قال: فما أذهب العلم عن قلوب العلماء بعد إذ علموه? قال: الطمع، وشدة الحرص، وطلب الحوائج إلى الناس.
======

قيل لحكيم: ما بال الشيخ أحرص على الدنيا من الشاب? قال: لأنه ذاق من طعم الدنيا ما لم يذقه الشاب.
======

قيل للاسكندر: ما سرور الدنيا? قال: الرضى بما رزقت منها. قيل: فما غمها? قال: الحرص
قيل لرجل: كيف حالك? قال: أخدم الرجاء إلى أن ينزل القضاء.
إياكم وطول الأمل فإن من ألهاه أمله أخزاه أجله.
=====
 قال الحكيم: رب مغبوط بنعمة هي داؤه، ورب محسود على حال هي بلاؤه، ورب مرحوم من سقم هو شفاؤه.
=====
ومن كلامهم: من ضاق قلبه اتسع لسانه. من اغتر بالعدو الأريب خان نفسه. من لم يركب المصاعب لم ينل الرغائب. من ترك التوقي فقد استسلم لقضاء السوء. من لم تؤدبه المواعظ أدبته الحوادث. من لم يعرف قدره أوشك أن يذل. من لم يدبر ماله أوشك أن يفتقر.
======
قال الأحنف: كل ملك غدار، وكل دابة شرود، وكل امرأة خؤون.
======
قال حكيم: لذات الدنيا معدودة، منها لذة ساعة، ولذة يوم، ولذة ثلاث، ولذة شهر، ولذة سنة، ولذة الدهر. فأما لذة ساعة فالجماع وأما لذة يوم فمجلس الشراب وأما لذة ثلاث فلين البدن بعد الاستحمام، وأما لذة الشهر فالفرح بالعرس، وأما لذة السنة فالفرح بالمولود الذكر، وأما لذة الدهر فلقاء الإخوان مع الجدة.
======
وقال آخر: الشكر محتاج إلى القبول، والحسب محتاج إلى الأدب، والسرور محتاج إلى الأمن، والقرابة محتاجة إلى المودة، والمعرفة محتاجة إلى التجارب، والشرف محتاج إلى التواضع، والنجدة محتاجة إلى الجد.
======
كان لقمان عند داود عليه السلام وهو يسرد الدرع، فجعل يرى شيئاً لا يرى شيئاً لا يدري ما هو، وتمنعه حكمته عن السؤال، قال: فلما فرغ صبها عليه وقال: نعم أداة الحرب هذه، فقال: إن من الصمت حكماً وقليل فاعله، أردت أن أسألك فكفيتني.
=====
وقال لقمان لابنه: يا بني جالس العلماء وزاحمهم في مجالسهم بركبتيك فإن الله عز وجل 

يحي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء.

ومن كلامه: يا بني كذب من قال: إن الشر يطفىء الشر، فإن كان صادقاً فليوقد ناراً عند نار فلينظر هل تطفىء إحداهما الأخرى، يا بني الخير يطفىء الماء النار.

ومن كلامه: لا تأمنن امرأة على سر، ولا تطأ خادمة تريدها للخدمة، ولا تستسلفن من مسكين استغنى.
============
قال أبو بكر رضي الله عنه: أشقى الناس الملوك، فرأى ممن حضره استبعاداً لذلك فقال: عجلون جائزون، أما علمتم أن الملك إذا ملك قصراً أجله، ووكلت به الروعة والحزن، وكثر في عينه قليل ما في يد غيره، وقل في نفسه كثير ما عنده? 
نقلا من كتاب التذكرة الحمدونية ص 137






الجمعة، 8 مارس 2013

وثيقة المدينة أول دستور مكتوب

وثيقة المدينة أول دستور مكتوب في العالم في مجتمع متعدد الثقافات والأديان 


هذا كتاب من محمد النبي [رسول الله]، بين المؤمنين والمسلمين من قريش و[أهل] يثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، 2.أنهم أمّة واحدة مِن دون الناس. 3.المهاجرون من قريش على رَبعتهم يتعاقلون بينهم وهم يَفدُون عانِيَهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 4.وبنو عَوف على رَبعتهم يتعاقلون معاقلَهم الأولى، وكل طائفة تَفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 5.وبنو الحارث [بن الخزرَج] على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 6.وبنو ساعِدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تَفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 7.وبنو جُشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 8.وبنو النّجّار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 9.وبنو عَمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 10.وبنو النَّبِيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 11.وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. 12.وأنّ المؤمنين لا يتركون مُفرَحا (أي مثقلا بالدَّين وكثرة العيال) بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل. 12/ب.وأنْ لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه. 13.وأن المؤمنين المتقين [أيديهم] على [كل] مَن بغى منهم، أو ابتغى دَسيعةَ (كبيرة) ظلمٍ، أو إثمًا، أو عدوانًا، أو فسادًا بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعًا، ولو كان ولدَ أحدهم. 14.ولا يَقْتُل مؤمنٌ مؤمنًا في كافر ولا ينصر كافرًا على مؤمن. 15.وأنّ ذمّة الله واحدة يجبر عليهم أدناهم، وأنّ المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس. 16.وأنّه مَن تبعنا من يهود فإنّ له النصرَ والأسوةَ غير مظلومين ولا مُتناصرين عليهم. 17.وأنّ سِلم المؤمنين واحدةٌ، لا يُسالِم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله، إلا على سواء وعدل بينهم. 18.وأنّ كل غازية غَزَت معنا يعقب بعضها بعضًا. 19.وأن المؤمنين يُبِيء بعضهم عن بعض بما نال دماءهم في سبيل الله. 20.وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدًى وأقومه، 20/ب.وأنّه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفسًا، ولا يحول دونه على مؤمن. 21.وأنّه مَن اعتَبط مؤمنًا قتلا عن بيّنة فإنه قَوَدٌ به إلا أن يرضى ولي المقتول [بالعقل]، وأن المؤمنين عليه كافّةً ولا يحلُّ لهم إلا قيام عليه. 22.وأنّه لا يحل لمؤمن أقرَّ بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن يَنصر مُحدِثًا (مجرما) ولا يُؤوِيه، وأن من نصره أو آواه فإنّ عليه لعنةَ الله وغضبَه يوم القيامة، ولا يُؤخذ منه صرف ولا عدل. 23.وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإنّ مردَّه إلى الله [عز و جل]وإلى محمد [ صلى الله عليه وسلم ]. 24.وأنّ اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا مُحاربين. 25.وأنّ يهود بني عوف أُمّة مع المؤمنين، لليهود دِينهم وللمسلمين دِينهم، مَواليهم وأنفسهم إلا من ظلَم وأثم، فإنه لا يُوتِغ (أي لا يهلك) إلا نفسه وأهل بيتِه. 26.وأنّ ليهود بني النّجّار مثل ما ليهود بني عوف. 27.وأنّ ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف. 28.وأنّ ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف. 29.وأنّ ليهود بني جُشَم مثل ما ليهود بني عوف. 30.وأنّ ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف. 31.وأنّ ليهود بني ثَعلَبة مثل ما ليهود بني عوف، إلا مَن ظلم وأَثم فإنّه لا يُوتِغ إلا نفسَه وأهلَ بيته. 32.وأنّ جَفْنَةَ بطنٌ مِن ثعلبة كأنفسهم. 33.وأنّ لبني الشُّطَيبَة مثل ما ليهود بني عوف، وأنّ البرَّ دون الإثم. 34.وأنّ موالي ثعلبة كأنفسهم. 35.وأن بطانة يهود كأنفسهم. 36.وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد [ صلى الله عليه وسلم ]. 36/ب.وأنّه لا يَنحَجِز على ثأرِ جُرحٍ، وأنه مَن فَتَك فبنفسه فتك وأهل بيته إلا من ظَلم، وأنّ الله على أبَرِّ هذا. 37.وأنّ على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأنّ بينهم النصر على مَن حاربَ أهل هذه الصحيفة، وأنّ بينهم النصح والنصيحة والبرّ دون الإثم. 37/ب.وأنه لم يأثم امرؤٌ بحليفه، وأنّ النصر للمظلوم. 38.وأنّ اليهود يُنفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين. 39.وأنّ يَثرب حرامٌ جوفُها لأهل هذه الصحيفة. 40.وأنّ الجار كالنفس غير مضارٍّ ولا آثِم. 41.وأنّه لا تُجار حرمةٌ إلا بإذن أهلها. 42.وأنّه ما كان بين أهل هذه الصحيفة مِن حَدث أو اشتجار يُخاف فسادُه، فإنّ مَرَدَّه إلى الله [عز و جل] وإلى محمد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]، وأن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبَرِّه. 43.وأنّه لا تُجار قريش ولا مَن نَصَرها. 44.وأنّ بينهم النصر على مَن دهم يثرب. 45.وإذا دُعوا إلى صلح يُصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وأنهم إذا دَعوا إلى مثل ذلك، فإنه لهم على المؤمنين إلا مَن حاربَ في الدِّين. 45/ب.على كل أناس حِصَّتهم مِن جانبهم الذي قِبَلهم. 46.وأنّ يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة، مع البِرّ المحض مِن أهل هذه الصحيفة، وأنّ البِرّ دون الإثم لا يَكسِب كاسب إلا على نفسه، وأنّ الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبَرِّه. 47.وأنه لا يحول هذا الكتابُ دون ظالمٍ أو آثم، وأنه مَن خرجَ آمِنٌ ومن قعد آمِنٌ بالمدينة، إلا مَن ظلم وأثم، وأنّ الله جارٌ لمن بَرَّ واتّقى ومحمد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ].

(المصدر: السيرة النبوية لابن هشام، 2/150-151.)




*******************

*********
***


حقوق الإنسان:التاريخ

 و الآفاق


 حقوق الإنسان:التاريخ و الآفاق

-تقديم
- تعاريف
- حقوق الإنسان قديما
- حقوق الإنسان حاليا
- لمحة عن حقوق الإنسان عبر التاريخ
- مميزات حقوق الإنسان المعاصرة
- النقد الموجه لحقوق الإنسان
- الخلاصة والآفاق
- مراجع
تقديم:قد يبدو طرح موضوع حقوق الإنسان:تاريخ و آفاق،اليوم،من الأمور السهلة،وربما غير ذات فائدة من منطلق الانتشار الواسع لحقوق الإنسان،وتطور الوعي بها،وتضمينها في الدستور المغربي الحالي،الذي لم يكتف ،على مستوى النص ،فقط بالتأكيد على أن "المملكة المغربية ،العضو العامل النشيط في هذه المنظمات ،تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا"منذ1992[أنظر تصدير دستور المغرب لسنة1992]،وهي للإشارة نفس العبارة التي حافظ عليها دستور 1996، بل نص على أهم الحقوق من الفصل الثامن إلى الفصل الخامس عشر،كالمساواة،والتمتع بالحقوق المدنية و السياسية و حرية التجول وحرية الاستقرار بجميع أرجاء المملكة؛ إضافة إلى حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع وحرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب الاختيار...كما أن التربية والشغل حق للمواطنين على السواء،و حق الإضراب مضمون كما هو الأمر بالنسبة  لحق الملكية وحرية المبادرة الخاصة[انظر دستور2011].كما لعبت الحركة الحقوقية المغربية دورا هاما في التعريف بحقوق الإنسان والدفاع عنها و إشاعتها، إضافة إلى إدماجها في المنظومة التربوية والدراسة الجامعية.إضافة إلى الكم الهائل من الانتاج المستمر للمواثيق و النصوص الدولية منذ10دجنبر1948،سنة صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
تحميل الكتاب 


الثلاثاء، 5 مارس 2013

أزواد بأ قلام موريتانية


نبدأ اليوم نشر مجموعة مقالات بعنوان "أوراق" عن أژواد، وقضيته التي تعتبر أهم تطورات الساعة، التي لها تأثير كبير على موريتانيا والإقليم. بقلم محمد محمود ودادي، كاتب ودبلوماسي سابق
(1)
جمهورية مالي
استقلت باسم اتحاد مالي في 20 يونيه 1960 ثم أعلن الاستقلال من جديد في 20 شتنبر 1960 بعد الانفصال عن سنغال. تبلغ مساحتها 1240190 كلم 2 ( منها 822000 كلم2 في أژواد) وسكانها حوالي 11 مليون نسمة (منهم مليونان في أژواد)، هذه الدولة وريثة جزء كبير من إمبراطورية غانة، التي تأسست في القرنين 4و5 م في موريتانيا وعاصمتها كومبي صالح، قبل أن تسقط في أيدي المرابطين في القرن 11م، وهي أيضا وريثة إمبراطورية ملّي (مالي) (القرن14) قبل سقوطها على يد إمبراطورية صونغاي (القرن 15) ثم دمر دمر هذه الغزو المغربي (نهاية القرن 16).
أژواد، تحده من الشمال الجزائر ومن الشرق النيجر ومن الجنوب والجنوب الغربي نهر النيجر، وأراضي مالي، ومن الغرب موريتانيا. ومدنه الرئسية: ڴاوو (العاصمة) تنبكتو (العاصمة الثقافية) كيدال، والثلاث هي عواصم الولايات التي يتشكل منها الإقليم اليوم حسب التقسيم الإداري لجمهورية مالي. واسم الإقليم أمازيغي، ربما مشتق من اسم نهر "زواد" الناضب، ويطلق أژواد على القسم المالي من الصحراء الكبرى، وأزواڴ على الجزء النيجري بما فيه حواضر طاوه وأڴادس.
وتسكن الإقليم مجموعات الطوارق المنتشرون في كل الإقليم، إضافة إلى العرب ، وهم أساسا البرابيش في الغرب، وكنته في الوسط والجنوب، والصونغاي والفلان في الجنوب والجنوب الغربي، ويتحدث هؤلاء خمس لغات هي تماشق (الطوارق) الحسانية (العرب) الصونغائية أو كوروبورو (الصنونغاي) الفلانية ( إفلان). أما الموارد فظلت على مدى التاريخ تربية الماشية التي اضمحلت في العقود الماضية بسبب الجفاف والحروب، التي أجبرت أعدادا كبيرة من السكان على الهجرة. ويوجد مخزون نفطي غير محدد الحجم، كما يوجد أورانيوم ومجموعة من المعادن المختلفة، لكنها غير مستغلة. ويعتمد السكان المجاورون للنهر في رأس الماء والعقفة وفي ضفته اليمنى في ڴورمه على زراعة القليل من أنواع الذرة والخضروات، والصيد النهري، لمن سكان المراكز الصحراوية يعتمدون أساسا على ما يبعثه أبناؤهم من الخارج وعلى موارد التهريب، الذي تمتهنه مجموعات جعلت من الإقليم معبرا أيضا لتجارة المخدرات، التي تدر عليهم موارد كبيرة.
لمحة تاريخية
يُجمع المؤرخون على أن أول من أقام مدينة ڴاوو ثم تينبكتو هم قبائل لمطه وبعض من لمتونة، وقبيلة تارڴه، ومن هذه المجموعات يتألف شعب أژواد الأمازيغي، الذي تعرب البعض منه ليصبح في عداد القبائل المستعربه مثل كلنصر الغربيين، وبعض المجموعات في كنته والبرابيش. أما الهجرة العربية الحديثة فكانت في نهاية القرن 15 على أيدي البرابيش القادمين من شمال موريتانيا عن طريق آدرار والظهر، وهم في أغلبيتهم من قبائل بني حسان، حيث تنحدر الأرومة الرئيسية من حمُّ بن حسان، وعبد الرحمن بن حسان (الرحامنه). وتبعهم الكنتيون في سنة 1130هـ 1717م انطلاقا من الساقية الحمراء، عبر تْوات والحنك وأرڴشاش.
تحدث الرحالة والإخباريون عن أژواد في بداية القرن 14م كإقليم يتمتع بحكم ذاتي تابع مع صحرائه لإمبراطورية مالي، لكنها فقدت السيادة عليه في حدود 1433م؛ وفي عام 1591 احتل سلطان المغرب أحمد الذهبي الإقليم وحواضره بعد أن قضى على إمبراطورية الصونغاي المسلمة؛ ومن ذلك التاريخ لم يخضع أژواد لسيطرة مركزية منتظمة حتى وصول الاستعمار الفرنسي عام 1893، والذي حيث جوبه بمقاومة شديدة من الطوارق والعرب..
موريتانيا وأژواد
ظل شعب البيظان على طول تاريخه يعتبر أژواد امتدادا له، فقبل دخول الإسلام كان موطنا لقبائل البربر التي يعود إليها سكانه من التوارق، وبعض أطراف صنهاجة، التي ينتمي إلى فروعها المختلفة غالبية سكان غرب الصحراء وشمالها، ومع دخول الإسلام وانتشاره، انتمت أژواد أو أطراف واسعة منها لدولة الإسلام الكبرى "المرابطون" في الطرف الغربي، فانضوت قبائل هذه المنطقة الشاسعة، تحت لواء الإسلام، وازداد التمازج بين أبنائها، ووقعت الهجرات المتبادلة، فشرّق البعض وغرَب الآخر، لنرى في موريتانيا الحالية أقواما من أصول تارقية أژوادية، وأخرى لمتونية في الشرق. ثم جاء الانتشار العربي في الصحراء الكبرى، ليعم كل أجزائها حتى أژواد، وتزداد الروابط قوة، ويتعزز التواصل، الذي بلغ أوجه بعلاقات حواضر موريتانيا القديمة بقواعد أژواد الكبرى.
هذه العوامل، وغيرُها جعلت من أژواد وموريتانيا صنوان، يكمل أحدهما الآخر، على طول المساحة الشاسعة التي يحتلانها في الصحراء والغرب الإفريقيين؛ وحتى في عصور غياب الدولة المركزية، ظلت العلاقات قائمة، بل نشطة بين الطرفين، ترجح كفتُها أحيانا لأژواد، خاصة بعدما تدهورت أوضاع مدن القوافل الغربية: ودان وشينقط وتيشيت وولاته لصالح تنبكتو وڴاوو، الأژواديتين، إذ أصبحت الأولى أشهر حاضرة إسلامية في الصحراء الكبرى وجوارها، بفضل مدارسها وعلمائها الأجلاء الذين كان من أشهرهم أحمد بابا بن محمد إقيت الصنهاجي، الذي انتشر صيته حتى بلغ الشمال الإفريقي، أيام محنته، عند سقوط دولة السونغاي في مستهل القرن 11 هـ (نهاية القرن 16م). ثم جاء القرنان الثاني عشر والثالث عشر الهجريان (18و19م) لتختطف أژواد الأضواء من جديد بظهور الشيخ سيدي المختار الكبير، وخلفائه، الذين صاروا قبلة للبيظان عامة، وللطامحين إلى الارتواء من العلم، وهديه في الغرب الإسلامي، حتى تشاد شرقا والمحيط الأطلسي غربا، ومن أدغال جنوب الصحراء جنوبا إلى تخوم الجزائر والمغرب شمالا، مما أعاد لهذا الحيز إشعاعه الثقافي والديني، وعزز اللحمة بين الصنوين الشرقي والغربي، فحُفرت أژواد في الذاكرة الجمعية، كامتداد لثقافة البيظان وجزء من تاريخهم.
يتواصل...
 وللمزيد   http://www.alsoque.net/vb/showthread.php?t=1829
**********************************
محمد يحظيه ولد ابريد الليل يكتب : موريتانيا وازواد “1″
بدأ الكاتب المخضرم الجزء الأول من السلسلة التي عنوانها ب “موريتانيا وأزواد” بالحديث عن التغلغل الاستعماري في موريتانيا، وكيف أن كابولاني حاول أن يحتل موريتانيا من خلال إقليم أزواد، وعجز عن تنفيذ خطته هذه بسبب عدم القدرة على تأمين خطوط اتصال.
أو طرق إمداد فاختار الطريق الأسلم من خلال الجارة السنغال التي يحتلها الفرنسيون آن ذاك منذ ما يقرب من قرن.
كما عرج الكاتب في هذه الأثناء على الجهود الكبيرة التي بذلها الشيخ ماء العينين بالتعاون مع ملوك المغرب في سبيل صد التغلغل الاستعماري.
وتحدث بعد ذلك عن خطة كابولاني في التغلغل السلمي في البلد من خلال الاستيلاء على عقول وقلوب قادة الرأي في البلد، والتأكيد باستمرار على عدم عداوة فرنسا للإسلام، وتدليلا على ذلك “قام بتوزيع عدد من كتب المتصوفة مثل دليل الخيرات وكتب الجزولي وغيرها” حسب تعبير الكاتب
وانتقد ولد ابريد الليل بعد ذلك بشدة تجاهل قادة البلد على مدى الخمسين عاما لمنطقة أزواد التي يري السياسي المعروف أنها تجتمع مع البلد في عدد كبير من الأمور، وأرجع جزء كبيرا من ذلك إلى أن قادة البلد لم يكونوا يستشيرون أحدا في رسم سياساتهم بل يرون أن مثل هذه الاستشارة تنقص من قدر الرئيس. ولم يثر اهتمامنا لهذه المنطقة المهمة لنا إلا ما حدث من أحداث في الآونة الأخيرة، فأصبحنا فجأة ندرك أن هناك جارا لنا اسمه أزواد، كما لو أنه هناك جدار سميك يمنعنا من التواصل مع هذه المنطقة.
وتوقف الكاتب عند ما تعرضت له هذه المنطقة خلال الخمسين سنة هي عمر الدولة الموريتانية من ظلم وضغوط “دون أن يثيرنا ذلك” حسب تعبير الكاتب مرجعا ذلك إلى أنه قد تكون هناك أشياء حدثت في مناطق أقرب منعتنا من سماع ما يحدث هناك.
ولد ابريد الليل أسقط نفس الوضع على الصحراء الغربية التي اعتبر أن الدولة تجاهلتها طويلا أكثر من 18 سنة من الاستقلال، قبل أن تقيم فيها ما وصفها ب “مسرحية هزلية أعاقتنا عن الاهتمام بهذا الجزء من الإقليم”
ودلل الكاتب على ذلك بما وصفها ب”الحركة التي قام بها عدد من الصحراويين والموريتانيين في العام 1970من القرن الماضي من أجل التوعية بضرورة استقلال الصحراء عن إسبانيا، لكن هذه الحركة لقيت كل التجاهل من الحكومة الموريتانية حتى قتل رئيسها تحت التعذيب من قبل الإسبان دون أن تنبس حكومتنا ببنت شفة، بل أكثر من ذلك تعرضت مظاهرات هذه الحركة في انواكشوط إلى القمع من قبل الشرطة الموريتانية” حسب تعبيره
وأضاف الكاتب “ولو فرضنا أن ما بذلته الحكومة الموريتانية من جهد ومال ورجال في حرب الصحراء ذهب جزء قليل منه إلى العمل في ذلك الوقت من أجل جلاء الاستعمار الإسباني لكان الوضع مختلفا تماما الآن، وخصوصا على المستوى الأخلاقي”
ويضيف ولد ابريد الليل “لقد كانت سياسة موريتانيا تجاه الصحراء بعيدة كل البعد عن الاتجاه الصحيح، وهو ما أدى بنا في النهاية إلى أن ندخل في متاهة لن نخرج منها أبدا” وبرر ولد ابريد الليل-وهو للتذكير أحد قادة الجناح المدني لانقلاب العاشر من يوليو- ماقام به قادة هذا الانقلاب من انسحاب من نزاع الصحراء بأنه كان ضروريا لوقف حمام الدم، ومع ذلك فإنه لم يصلح ما فسد من قبل، فقد اتسع الخرق على الراقع، فقد انقطعت أواصر الأخوة بيننا” حسب تعبيره
وختم ولد ابريد الليل الحلقة الأولى من السلسلة بقوله “إن من أسسوا بناء الدولة وضعوا قاعدة تقول: القضايا الخطيرة أولى من القضايا الكبيرة، فليس علينا أن نناقش مستقبلنا البعيد وأن نضع الرؤي السياسية له، فكل هذه الأمور موكولة إلى القائد المتفرد، وكل من جاءوا إلى الحكم كانوا يقومون بإطفاء الحرائق المشتعلة لا أكثر، ويجرون وراءهم تقاليد موروثة، ومساعدين لمن قبلهم لا يزالون حاضرين في المشهد، ويتبعون سياسة أن الصمت أبلغ من الكلام”. وللمزيد
 http://www.alsoque.net/vb/showthread.php?t=1910
********************
حْلاَمُ شَعْبٍ تَتَبَدَّدْ..!!!
الاثنين 28 كانون الثاني (يناير) 2013

الباحث: احمد جدو ولد محمد عَمُو ولد إگَّ Ahmedjiddou83@gmail.com
من مدينة مراكش الحمراء، حيث يرقد أبرز زعماء الحركة المرابطية، يوسف بن تاشفين في قبر متواضع بالقرب من ساحة جامع "الفنا" الشهيرة التي أسَّسها المرابطون خلال القرن الخامس الهجري، استعيدُ ذكريات تاريخ أمة هناك في صحراء الملثمين...، تملكني شعور غريب وأنا أقف أمام قبر زعيم دانت له المنطقة من أودغست حتى بلاد الأندلس، وهو يرقد خلف قبة متواضعة حالها كحال بلدي الحبيب وساكنته أحفاد (المرابطين، الشناقطة).
لقد استطاع أجدادُنا من المرابطين إنشاء دولة مركزية في الغرب الاسلامي في فترة عزَّ فيها قيام مثل تلك الدولة في المنطقة عموما، رغم نَأيِهم عن مجالاتهم التقليدية حيث صحراء الملثمين، متخذين من مراكش عاصمة لهم، وهي التي تقع بعيدا عن المجالات الجغرافية التي كانت تحت سيطرة القبائل المرابطية التي ينتمون إليها، وهذا ما يشي بقوة السلطان التي وصلت إليه الحركة المرابطية إبَّان أوْجِ قوتها، وما استطاعت تحقيقه من بسط للنفوذ وإرساء لدولة الإسلام في شمال وغرب إفريقيا والأندلس...
لقد كانت الحقبة المرابطية بحق من أهم الفترات التي عرفها تاريخ الدولة الاسلامية في المغرب الاسلامي، فكيف لثُلة من المرابطين القادمين من جزيرة تيدرة على المحيط الأطلسي-حيث ربوع قبائل الملثمين- أن تقيم دولة مترامية الاطراف كتلك الدولة...؟؟ لم يتحقق لهم ذلك لكثرة في العدد ولا قوة في العتاد وإنما بإيمانهم بالله وتضحياتهم في سبيل إقامة العدل فوق أرض الله وتحت سمائه، بسطوا النفوذ وأوقفوا المدَّ الصليبي لبلاد الإسلام عقود عديدة وسنوات مديدة (أربعة قرون)، هؤلاء هم أجدادنا المرابطون الذين لازالت تضحياتهم تمثل مجدا وتاجا على رأس كل موريتاني بل كل مسلم في هذه الدنيا.
ولم يتوقف البذل والعطاء والتضحية لدى أسلافنا عند الفترة المرابطية فحسب، بل سَأمرُ وإن بشيء من التَّجوُّزِ في السياق التاريخي لأحط الرحال بالفترة الشنقيطية لأُبرِز أمجادا أخرى هناك مثَّلها أجدادنا من الشناقطة علما وورعا، فقد ضربوا في ذلك أروع الأمثلة حيثما حلوا، فذاك المشرق الاسلامي يعرفهم قبل أن يعرفهم الغرب الاسلامي، ففي افريقيا حدِّث ولا حرج عن العلم والدعوة التي أخرجوا بها الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم...
ولمَّا جاء دور الاستعمار نفَّذ أجدادنا -ساكنة البلاد السائبة- الذين نعتز بهم خطة محكمة ثنائية تقوم على مقاطعة ثقافية شاملة، ومقاومة مسلحة خاضوا غمارها مع بساطة في العتاد، لكن مع إيمان راسخ وعزة بالنفس وتشبث بأرض ألِفُوها منذ نعومة أظْفَارِهم، فقدَّموا في سبيل ذلك أرواحهم رخيصة في سبيل الدين والوطن، حتى اندحر المستعمر مخلِّفا أذيال الهزيمة وراءه ، و بذلك يكونوا قد أوصلوا سفينة موريتانيا إلى برِّ الأمان لينتهي دورهم مع ظهور "الدولة الحديثة" .
دولة ينعم فيها كل موريتاني بالأمن والأمان، ينال حقوقه و لا يظلم نقيرا و لا قطميرا، دولة يتساوى فيها الغني والفقير، فهم أمام القانون سواسي، دولة العدالة الاجتماعية دولة الحرية، دولة بناء وتعمير، دولة مدنيَّة لا قبلية ولا حزبية (الحزب الواحد).... هذا ما تمنَّاه الرعيل الأول الذي حمل مشعل الحرية للبلاد السائبة، لكن هل كناَّ حقاً خيرَ خلفٍ لخير سلف ؟؟؟
أظن أن الإجابة ومع الاسف، هي لا وألف لا، لم نكن ذلك الخَلف الذي تشبَّث بالمَقُولة الشهيرة "عيب الديار على من بالديار بقي"، فما إن قامت الدولة الحديثة وهي لا تزال في مهدها حتى تم وَأدُ كل الآمال التي علقها أولئك البناة الذين أرادوها موريتانيا للجميع فأرادها من خَلفَهم موريتانيا للإقصاء والتهميش .
فمنذ الارهاصات الاولى لقيام الدولة إلى يوم الناس هذا ابتُلي هذا الشعب الطيب بحَفْنة من العسكر يتحكمون في مصيره وخيراته، مؤسسة عسكرية انتقلت من المرابطة في الثغور إلى المرابطة في القصور، همُّها ليس الدفاع عن الوطن وإنما الصراع على السلطة، فاليوم ينقلب عاليها على سافلها وغدا ينقلب سافلها على عاليها، في دوامة لا متناهية، ادخلت مصير هذا الشعب في حلقة مفرغة، فمنذ أن شكَّل العسكر مجلسه الخاص بالحكم الأبدي لموريتانيا ، المتمثل فيما سُمي اللجنة العسكرية للخلاص الوطني، وموريتانيا تئِن تحت وطأة سلطة عسكرية متشبثة بالحكم، وكأن الادبيات العسكرية لدى مؤسستنا العسكرية، وما يُلقَّن لمجندي الجيش ومختلف القوات المسلحة هو ضرورة الدفاع عن السلطة السياسية العسكرية بدل الدفاع عن الحوزة الترابية .
 وللمزيد
http://www.alsoque.net/vb/showthread.php?t=2015
***************
لمحات من تاريخ قرية تنيگي/ إعداد محمد يحيى بن محمد بن احريمو
إن مما لا شك فيه أن القرى والحواضر الموريتانية تضم وراء جدارنها الصامتة تاريخا حافلا يشكل جزء كبيرا من تراث هذا البلد ورافدا من روافده ومكونات هويته... تاريخ حافل يهب عبقه بكثير من الأمجاد والمآثر والشيم الفاضلة . 
وقد امتازت النسخة الثانية من مهرجان المدن القديمة التي احتضنتها قرية وادان هذا العام 2012م بإدراج قرية تنيگي ضمن برنامج المحاضرات المنظمة في المهرجان . 
وقد كنت ضمن الفريق الذي انتدب لتمثيل هذه القرية حيث قمت بإعداد بحث عن تاريخ قرية تنيگي ودورها في التأسيس للثقافة الإسلامية والتقاليد العالمة في موريتانيا وهو ما شكل فرصة للكشف عن جوانب عدة من تاريخ هذه القرية ظلت إلى وقت قريب مجهولة لدى معظم القراء وتحت إلحاح الزملاء والإخوة على نشر بعض نتائج هذه البحوث فقد حرصت على تلبية طلبهم وإفادتهم بما طلبوه .
قرية تنيگي نشأتها وموقعها ومكانتها التاريخية
تأسست قرية تنيگي في أواخر القرن السادس الهجري بعد حين من سقوط دولة المرابطين وهي الدولة التي ينتمي سكان هذه القرية إلى الأرومة التي كان لها فيها دور الريادة وشرف القيادة ألا وهي قبيلة لمتونة الكبرى فلا غرو إذا أن كان لقرية تنيگي نصيبها وإرثها الكبير من القيم والتقاليد المرابطية . 
وتعتبر قرية تنيگي من أهم المدن التاريخية الموريتانية الغابرة التي شهدت ازدهارا علميا وحضاريا وعمرانيا هاما ما يزال تاريخه بحاجة إلى الدراسة والتمحيص .
تقع قرية تنيگي في منطقة آدرار وتبعد عن مدينة انواكشوط العاصمة الموريتانية حوالي 600كلم إلى الشمال الشرقي وتقع قريبا من خط العرض 20درجة و27 دقيقة و10ثوان من العروض الشمالية وعلى خط الطول 12 درجة و21دقيقةو45ثانيةغرب خط "كرينتش".
وقد تم اختيار موقع القرية من طرف مؤسسيها بعناية تامة فهي تقع على ضفة واد كبير هو الوادي المسمى فيما بعد بـ "ارغيوية " ومن المرجح أن هذا الوادي كان في القديم يحتوي على مياه غزيرة دائمة طوال العام وهو ما مكن ساكني القرية من ممارسة زراعة النخيل والواحات شأنها في ذلك شأن أودية آدرار المعروفة .
كما تقع قرية تنيگي كذلك على الطريق التجاري المعروف " بالطريق اللمتوني " الذي يربط بين درعة وسجلماس في المغرب وبين منطقة آدرارفي موريتانيا مرورا بالمجابات الكبرى ولهذا كان لأهل تنيگي دور هام في التجارة عبر الصحراء وتسيير القوافل وكان لهم نشاط تجاري واسع خصوصا في جنوب المغرب وفي المناطق المحاذية لنهر السينغال ولدينا شواهد عديدة على هذا الأمر يضيق المقام عن ذكرها .
وقد ورد أول ذكر مكتوب لقرية تنيگي في رحلة البرتغالي فالانتيه فرناندوس الذي دون مجموعة معلومات نقلها عن بعض المستكشفين والرحالة الذين زاروا شواطئ الأطلسي سنة 850هـ وقام بجمع بعض المعلومات عن منطقة آدرار وموريتانيا عموما وقد تحدث عن قرية تنيگي باعتبارها إحدى أهم قرى منطقة آدرار .
وتجمع المصادر التي تحدثت عن تنيگي على أنها كانت قرية آهلة بالسكان وافرة الأسواق تعج بمختلف أوجه النشاط العلمي والتجاري والاقتصادي الهام.
يقول الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكنتي في الرسالة الغلاوية متحدثا عن تنيگي: " إنها كانت قصرا مشيدا " ويقول أحمد بن الأمين الشنقيطي في الوسيط في كلامه على جغرافية منطقة آدرار :" تنيگي وهي مدينة مشهورة وكانت من مدن آدرار المعتبرة فيما مضى وكانت بها دور ونخيل ولم يبق منها اليوم إلا الأطلال وجذوع النخيل ".اما العلامة المؤرخ الكبير المختار بن حامد فيقول عنها : " ولما وضعت حرب المرابطين أوزارها أسس تجكانت قريتهم "تنيگي" في القرن السادس الهجري وأقاموا بها قريبا من أربعة قرون في غاية ما يكون من العمارة والدين والعلم والمال والعدد ".
لمحات من التاريخ الثقافي لقرية تنيكي
ودورها في تأسيس التقاليد العلمية في موريتانيا
عرفت قرية تنيگي بكثرة علمائها و ازدهارها الثقافي والعلمي وهو أمر سارت به الركبان ونسجت حوله الحكايات والقصص المستغربة. 
ومن أشهر ذلك الرواية التي تقول " إنه كان في تنيگي أربعون جارية فارقة تحفظ الموطأ " وهي رواية مشهورة أوردها الشيخ سيدي باب في رسالته " تاريخ إيدوعيش ومشظوف " نقلا عن العلامة المتبحر والشيخ المعمر أفلواط بن محمدُّ بن المختار بن أحمدن ألفغ الجكني الذي أدركه الشيخ سيدي باب مطلع القرن الرابع عشر وهو إذ ذاك شيخ كبار قد جاوز المائة وأدرك كثيرا من الشيوخ والأكابر من أمثال المختار بن بونا والشيخ سيديا ومحنض باب بن اعبيد وغيرهم .
ومنها رواية أخرى نقلها الأستاذ المختار بن حامد عن العلامة اباه بن محمد الأمين اللمتوني وهي أن أكثر البلاد يومئذ علما قرية تنيگي ومدينة القاهرة .
وقد شاعت هذه الحكايات وتداولها الناس شرقا وغربا وهي وإن كانت لا تخلو من نوع مبالغة فإن لها قيمة ودلالة رمزية لا يمكن إهمالها إطلاقا كما هو معروف لدى الباحثين في علم الاجتماع فهي ليست إلا صدى لواقع ثقافي قديم و تعبيرا عن ماض مجيد شهدته هذه القرية .
 وللمزيد
http://www.alsoque.net/vb/showthread.php?t=1831
**************
نحن و أزواد
الأربعاء 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2012
أحمد بابه مسكه
أثارت مقالات محمد يحظيه ولد ابريد الليل حول "موريتانيا و أزواد" ... ما كان طبيعيا أن تثيره ، فقد تناول فيها بكل وضوح تاريخ البلد بكامله و على وجه خاص حقبه الحساسة بما أنها الأقرب زمنيا، وتعرض لبعض المحظورات المثيرة للجدل، فاتحا مجالا واسعا للجدل والنقاش وربما التأمل. وهو بذلك يلعب دور المثقف السياسي ؛ ومهما يكن موقف القارئ من مضمون المقال فلا شك أنه سيستمتع بأناقة اللغة و رفعة المستوى الأدبي، إذا كان ممن يعرفون جماليات لغة "ابوالو". ولا نري تناقضا بين ذلك و بين شغف الكاتب بلغته ـ لغة الضاد ـ ودفاعه المستميت عنها ضد اجتياح "لغة كبولاني"، فتعلم اللغات واستخدامها كأدوات لاكتشاف الثقافات والعلوم لا ينبغي أن يخضع للمواقف تجاه السياسات المتغيرة للحكومات والدول. ومن المعلوم أيضا أن الوطنيين المقاومين ضد الاجتياح الأجنبي كانوا يستخدمون عبر العصور إتقان لغة العدو كأحد الأسلحة الأكثر فعالية ضد طغيانه.
بالنسبة لي أود إبداء بعض الملاحظات حول بعض النقاط ‘ أولها بخصوص الشأن الأزوادي . قد يتساءل القارئ "ما له ولأزواد؟ " فقليل جدا من الموريتانيين من يعلم أن أحد مواطنيهم قام قبل عشرين سنة بوساطة في جمهورية مالي كللت بقسط من النجاح حيث أفضت إلى "الميثاق الوطني" و "اتفاقيات باماكو" المبرمة بتاريخ 11 ابريل 1992 بين الحكومة المالية و "منسقية حركات و جبهات أزواد الموحدة".
كنت آنذاك موظفا دوليا ‘ كمدير مكلف بالدول الأقل نموا باليونسكو باريس؛ وقد طلبت مني الحكومة المالية أن " أسهل الاتصال " بينها و بين الثوار الطوارق الناشطين في شمال البلد. اعتبرت أن تلك المهمة واجبا مقدسا، كما كنت أفعل دائما كلما أتيحت لي فرصة الإسهام قدر المستطاع في تسوية النزاعات في إفريقيا. ساندت خلال العقود الماضية حركات النضال التحررية في قارتنا و خارجها (فييتنام، فلسطين...) مع السعي طبعا في دعم الحلول السلمية كلما سنحت فرصة بذلك. و من غريب الصدف و... حسن الحظ ، أن اتصالا من "الطرف الآخر" بلغني في نفس الوقت تقريبا دون أن يعلم أحدهما بما يفعل خصمه، طبعا ؛ فبينما كنت أستقبل مبعوث باماكو، اتصل بي مثقف طوارقي قريب من ثوار الشمال ليبلغني رسالة منهم تطالبني بمساندة نضالهم "مثلما ساندت جميع القضايا العادلة التي كرست وقتي لها خلال عقود." كان الجواب بكل بساطة أن الفرصة سانحة بل مثالية لخدمة قضيتهم عبر القيام بمهمة سلام.
من أجل القيام بتلك الوساطة على أكمل وجه، كان من البديهي ضرورة الاعتماد على دعم أو على الأقل الحياد الايجابي لبعض الجيران و الشركاء الهامين ؛ خاصة الجزائر و فرنسا. بعد الـتأكد من دعم الجزائر ( التي استمرت في لعب دور ريادي في الوساطة بين الثوار الطوارق و باماكو ‘ وساطة موازية ورسمية أحيانا) ‘ استطعت بعد الحصول علي موافقة الحكومة المالية إشراك شخصية فرنسية من العيار الثقيل. عر ضت الأمر على إدغار بيزاني الذي قبل بتحمس، وهو شخصية جديرة بالاحترام و الوزير السابق للجنرال دي غول و الذي أصبح مستشارا لفرانسوا متران ، و قد أعطي الرئيس متران موافقته مصحوبة بتعليماته لوزارة الخارجية الفرنسية لتزويدنا بالمساعدة اللازمة، والتي ظلت مع ذلك محدودة و متواضعة وفقا لطلبنا.
قمت بإعلام سلطات بلدي طبعا و طلبنا مساندتها نظرا لأن موريتانيا إحدى أهم جيران مالي و قد بدأت فعلا تستقبل العديد من اللاجئين الذين بدأنا تمهيد مهمتنا بزيارة بعض مخيماتهم في نواحي باسكنو.
لقد تم استقبالنا ‘ أنا و زميلي ادغار بيزاني من طرف الرئيس المالي آمادو توماني توري في قصره الرئاسي "كولوبا" ليفاجئنا بطلب بسيط و... غريب : "ابحثوا لي عن محاور" . كان مستعدا للحوار و التفاوض مع مواطنيه الثائرين و لتلبية مطالبهم إلى أقصى حد ممكن. لكن مع من يتفاوض ؟ ربما بدا الأمر غريبا لمن لم يتتبع الأحداث منذ سنة ؛ لنتذكر:
قبل سنة تقريبا، اندلع تمرد مسلح في شمال البلاد ادهش الكل بفجائيته و نجاعته و سرعة انتشاره في مختلف مناطق أزواد. استجابت الجارة الجزائر بصفة سريعة لنداء باماكو و نظمت لقاء، تم بموجبه توقيع "اتفاقية تمانراست" في يناير 1991. لكن نظام موسى تراوري سقط بعد ذلك بقليل دون أن يبدأ بجدية تطبيق التزاماته ... نظرا لانعدام الوسائل؟ لفقدان الإرادة ؟ لضيق الوقت؟ أو لكل تلك الأسباب وغيرها؟ ومن جهة أخرى فقدت "الحركة من أجل أزواد" بقيادة إياد آك غاليالموقع الرئيسي لاتفاقية تمانراست، فقدت وحدتها و انقسمت إلى عدة جبهات، محدثة بذلك انطباعا بسيادة الفوضى، حيث كانت تقوم مجموعات مجهولة الهوية بأعمال لا تخضع لأي منطق واضح حسب الأطراف الأخرى. ما العمل إذا؟
 وللمزيد
http://www.alsoque.net/vb/showthread.php?t=1988

*******************

أزواد: نظام الحكم  السبت, 15 سبتمبر 2012 23:15
يحيى ولد سيدي أحمد/ باحث في تاريخ وآداب الصحراء الكبرى والسودان الغربيخاص ـ (الحرية): شهدت منطقة أزواد قيام دول عديدة، كانت أشهرها وأوسمها بالعدل في السيرة دولة إسكيا الحاج محمد 1443/1538م، وكان قد حكم 36 سنة و6 أشهر. ورغم أن حكم أبنائه وأحفاده من بعده استمر حتى ما بعد قدوم الرماة سنة 1591م بوتيرة في العدل دون حكم إسكيا الحاج محمد، إلا أن تنظيمهم للدولة كان يعكس تمدنا كبيرا جدا. فكان لديهم وزراء وحكام مناطق ما بين إداريين مدنيين وقادة عسكريين، ولكل مسؤول لقبه الخاص ومسؤولياته الواضحة. كما كانت الإدارة الإقليمية مرتبة ترتيبا محكما. هذا، إضافة إلى استقلالية نظام القضاء حتى عن إسكيا نفسه.
واشتهر من بين باشوات وقادة الرماة رجالٌ معروفون بالعدل، حفظ لنا التاريخ أسماءهم، وكانوا في الغالب من الصدر الأول في دولة الرماة. كما كان للرماة نظام حكم محكم يتدرج من الباشا إلى القائد والكاهية.. يقول الشيخ سيدي المختار الكبير الكنتي:" ما أذهب الرماة إلا تلك السيرة المشؤومة المُحْدَثة بعد صدر الرماة القائمين بالسياسة والعدل، فدولتهم مستقيمة إذ ذاك، وكلمتهم مجتمعة، وشوكتهم قوية، ونكايتهم شديدة، فلم تزل تتدافع بهم أمورهم، وينتقص عدلهم، ويتزايد جَورهم، وينتشر ظلمهم، ويفشو حيفهم وشؤمهم، حتى كان الفتك لهم سيرة معروفة، والظلم طريقة مألوفة، ففتك بعضهم ببعض، فتفرق الكلام، وانفصم النظام، فلم يزل ذلك بهم حتى طوي ملكهم، وانفصم سلكهم". أما دولة التوارق، فإن سِمة البداوة حالت دون قيام نظام حكم على نمط السونغاي والرماة. ويظهر ذلك جليا منذ حكم امقشرن 1433/1469م، حيث أسندوا حكم مدينة تنبكتو إلى أسرة شنقيطية هي آل محمد نض. وفي القرن الثامن عشر الميلادي، يلخص الشيخ الكبير الكنتي وضعية أزواد بقوله:" ونحن في زمن فاسد وبلاد سائبة، والتغلب فيها للتوارق". ويضيف، متحدثا عن نظام حكمهم للأرض:" وليسوا كحال الولاة الحاملين على ما هم فيه". وجريا على عادة امقشرن عرض سلطان إولمدن أُكَدِدَ، على الشيخ الكبير الكنتي رئاسة أرض أزواد، قائلا:" يا شيخ، ألا ترى إلى فساد العامة وعوث الظلمة بالفساد في البلاد، ولا تسمع الكلمة إلا منك، ولا ينفع الدفاع في رد ذلك إلا أن يصدر عنك، فأنت المكلف بتقويم الأمة، وإقامة حدود الملة. وقال بمثل ذلك القاضي الصالح بن محمد البشير السوقي - وسائر إخوان أكدد وأبناء عمه- وإنا جميعا في قبضتك، وتحت حكم سيادتك، نأتمر بأمرك، وننتهي لنهيك؟". فقال الشيخ الكنتي:" إنما أنا رجل من سائر المسلمين، وما قصرت قط في جلب أو دفع أرى أن عائدة نفع تعود منه على الإسلام وأهله، وما طلبت في ذلك صاحبا ولا عونا ولا غاشية، فادفعوا جهدكم، وأنا من ورائكم. وأما أن أترأس أو أتعاطى ما يتعاطى أهل الولاية، فما لا يكون أبدا. وأما أنت، يا أكدد، فإن صحت نيتك وعاقدت الله تعالى على العدل في سيرتك، ضمنت لك على الله تعالى استقامة الدولة، وشدة الصولة، حتى لا يقاومك معاند، ولا ينالك بما يضرك مُكائد". وكذلك عُرضت رئاسة أزواد في نفس الفترة على زعيم قبيلة كل انتصر العربية في صميمها العلامة محمد المختار بن محمد علي بن محمد أملن، فقد كتب له أعيان قومه ومن ينسب إلى العلم من إكلاد كتابا بالمبايعة له برسم الإمارة وأنه أهل لها، وكتب له بذلك أيضا جميع انتصر وإكلاد والرماة والبرابيش وإكودرن. فجاء إلى الشيخ الكبير الكنتي، ونصحه الأخير قائلا:" إن الرماة لو أن لهم قدرة على تولية أحد ولّوا واحدا منهم، فما خرجت الولاية من أيديهم إلا بعدما عجزوا عنها، وأما البرابيش فهم[ في أرض] التوارق، وأما انتصر وإكلاد فـ[ زوايا]، وأما كناتة فلم يدخلوا تحت ولاية سلطان من زمن عقبة المستجاب إلى يومنا هذا، ولا يدخلون تحت ولايته آخر الأبد، وإنما هم زوايا: مَن لم يكن منهم في شغل بطلب العلم كان في شغل بطلب مَعاشه من ركوب الأسفار واقتحام الأخطار، وأما التوارق فمتغلبون، لا ينقادون لذي سلطان. وعلى تقدير تأهلك للخلافة، فأين الأجناد التي تصول بها؟ وأين العدة التي تقوى بها؟ وإذا كان لك جند، فمِن أين لك بيوت الأموال التي تنفق منها على الأجناد وتبذلها في استجلاب الأمداد؟ فإن كنت ذا نية صالحة في طلب الإمرة، وكان الله تعالى قد قدرها لك في سابق تقديره، فاسْعَ في تحصيل شروطها وتهيئة أسبابها بوجه لا ينقض عروة ديانة، ولا يخل بمروءة ولا صيانة، وإن يكن غير ذلك، فإياك والدخول في باطل، والسعي في ما لا تحصل منه على طائل". فلم يزد الرجل على أن مزق المكتوب ودفنه، وتنصل من ذلك وتبرأ منه وهوّنه. هذا، مع إن إولمدن كان لديهم قضاتهم من قبيلة كل السوق العربية في صميمها المشتهرة بالعلم وبتعاطي الشعر أيضا. ورغم أن إولمدن، الذين استمرت دولتهم في أزواد أكثر من قرنين من الزمن، كانوا قد بسطوا نفوذهم على غالب أرض أزواد، إلا أن النزاع القديم الجديد بينهم وبين قبائل تدمكت حال دون بسط نفوذهم على سائر بوادي أزواد، ولو لفترة من الزمن. فقد ثار عليهم الغمير بن أبتيت بن محمد المختار بن عومر بن اللاذ التدمكتي ، حين ثار على خميكا عم أبيه سلطان تدمكت الذي كان تحت وصاية إولمدن، "وخرج عنه في جماعة وافرة من أبناء اللاذ وأكثر قبائل تدمكت، فانحاز خميك إلى إولمدن مستنجدا لهم فأنجدوه، فكانت بينهم وقعة ايرانتكيفت، وكانت الهزيمة فيها على خميكا ومن معه، وقتلت منهم مقتلة عظيمة. ثم خرج إليهم في سائر إكوادرن، فكانت وقعة آركون، فكانت الهزيمة فيها على قوم الغمير، بعد ما نيل من أصحاب خميك وقتل من إولمدن زهاء المائة، وفيهم أبناء أخوات أمّ ومهمد بن أك الشيخ، ولم يبق بيت من بيوتات إولمدن إلا وقتلوا منه قتيلا أو قتيلين أو أكثر، فكانت إولمدن على عداوتهم وحربهم يدا واحدة، فغزوهم بجيش جرار حتى ألحقوهم ببلاد بنبرَ ووغّلوهم فيها، وأغاروا على كثير من أتباعهم وأشياعهم، ثم رجعوا عنهم. ثم ضاقت الأرض على الغمير ورجاله بما رحبت، فبعثوا بالكتب إلى الشيخ سيدي المختار الكنتي يستغيثونه، فركب إليهم في جماعة من طلبته وخاصته، فتلقوه بالكرامة والإكرام، وأهدى إليه الغمير ما لم يهده قبله أحد من آبائه عينا وبقرا وعبيدا وأثاثا. فأمره بالشخوص معه حتى يفد به على جميع قبائل إولمدن في دارهم. فحاص من ذلك جميع أعوانه وإخوانه حيصة حمر الوحش، وقالوا: وروده على إولمدن بحدثان موت أعزائهم في دارهم ما لا يكون ولا يتصور! وسكن هو تحت جريان الأمر، وقال: يا شيخ، لو أقحمتني النار أو جشمتني البحار لاقتحمت جمر النار ولَخُضْت لج البحار، وإني طوع أمرك الرشيد، وتحت كنفك المشيد. فركب به الشيخ ووفد به على جميع أحياء إولمدن، فما منهم إلا من تلقاه بالسهل والرحب، وبسط له كنف الكرامة والحب، حتى نزل به على أبناء أك الشيخ فأكرموه وأعطوه ما لم يعطوه لأحد من آبائه، وقدموه على تدمكت، فتمت له الكلمة فيهم، وجمع الله له بعناية الشيخ وسياسته إلى ولاية أمر تدمكت ولايةَ أمْرِ إولمدن؛ فكانوا يفِدون إليه وفادة الرعية إلى سلطانها، فيعطيهم العطايا الوافرة" .
يحيى ولد سيدي أحمد باحث في تاريخ وآداب الصحراء الكبرى والسودان الغربي
هوامش ـــ  وللمزيد
http://www.alsoque.net/vb/showthread.php?t=1977


**********************************
خمسون عاماً على إبطال الرقيق: قصة تجارة العبيد في الحجاز [1855 -1962م]
محمود عبدالغني صباغ
اهداء
الى عبيد ومواليد وجواري الجزيرة العربية قبل عام 1962م.. قاسيتم أبشع انواع المرارات، لتشقى ضمائرنا اليوم أضعاف ذلك من وطئة ما حمله -او سكت عنه- التاريخ !..والى الشباب الناهض في بلادي المملكة العربية السعودية.. أضع بين أيديكم في تهيّب وتواضع صفحة من تاريخنا القريب، خليق بنا ان نستوعب -معاً- ملامحها وتفاصيلها، ونمحص ذهنياً المفاهيم التي انطوت عليها، كي لا نعيد راهناً انتاج أيٍ من صور ذلك الماضي الكسيف.. وكي لا نستمرئ -من جديد- اي تدهور في الجهالة او انغماس في حمأة الشقاء.
-2-
تنويه لابد منه:
ان لكل عصر جوهره وقيمه ومفاهيمه وملابساته ومعتقداته وظنونه التي فطر عليها، وله -أيضاً- منطق تبدلاته وتحولاته، المرهون بمواطن القوّة وتوازناتها.. وكل ما ورد في البحث عن أفراد او عوائل او أعيان او قبائل او أعراق أو أجناس أو مُدن أو مذاهب لا يمكن ان يُقرأ الا في سياق حركتها وأدوارها التاريخية الخاضعة لمفاهيم وقيم زمانها ومكانها. ان حضورها في هذا البحث انما ينطلق من زاوية واحدة -هي زواية البحث-، التي لا يصح، ولا يمكن معها، اختصارها باطلاق أي أحكام نهائية او قطعية تمسّها.
أما لماذا هذا الموضوع؟
ان ثمة فئات كانت غائبة غالباً من سجلّ التاريخ، وقد حُكم عليهم خطأً في غيابها وكأنها خارج التاريخ، رد ذلك أن تجربتهم التاريخية ورواياتهم كانت أقرب للحجب بفضل تقييم انتقائي لمصادر محتكرة. ان تاريخ الحجاز وفيه مواقع القوة والأبويّة والنبالة والبيروقراطية ومؤسسات العلم والمدارس، تم توثيقه جيّداً دون ان يرافقه توثيق كافٍ لتاريخ صامتيه وفئاته المهمشة.
وليس في عزمنا أن نفتح مسارب الآلام وان كان من واجبنا ان نهتك الأستار، ونكشف الأعماق، ونخوض الرحلات الطويلة في أغوار العوائد والأدواء الموبوئة، الا اننا -وبشجاعة الباحث ونزاهة العلم- نعيد ترتيب ذاكرة أمّتنا الجماعية، بغية معالجتها؛ بتبيان مصائبها، وايضاح نوائبها، ووصف شقائها، وترتيب دوائها.
يقول عبدالعزيز التويجري في كتابه (لسراة الليل هتف الصباح): “وحتى لا يتهمني أحدٌ أنني أنكأ جروحاً، أضع في وجه هذا الاحتمال أن جرحاً لا يجد من يفسر سببه ومُسبباته سيظل ناغراً إذا بقي دفيناً في مدافن سوء الفهم والأحقاد الخبيثة، لا تعالجه تفسيرات وينظفه من التلوث وضوح في الرؤية، قد تصيب عدواه جسد الأمة وتاريخها، وينتقل من الفرد الى الجماعة في وباء يقوده هذا الجرح على طرقات لا هادي لها. فإن الجرح ينغر بعد حين اذا كان البناء على فساد”.
-3-
 وللمزيد
http://www.alsoque.net/vb/showthread.php?t=1969
*****************
الرق في موريتانيا بين التاريخ والميتيولوجيا والفقه/ الحسين بن محنض
تعود أصول أقدم رقيق يحتفظ بها التاريخ في موريتانيا إلى قبائل إيزگارن التي استوطنت بلاد شنقيط وأحواز بلاد درعة قبل سبع آلاف سنة من الآن. وساكنت في هذه الربوع إخوتها إيرناكن، وقبائل گنار، وأغرمان، وبافور، وبني وارث الذين تعرف بقيتهم اليوم في الموروث البيضاني بأواش،
إضافة إلى قبائل گنگاره السوننكية قبل قدوم صنهاجة وقبل مقدم الإسلام، حيث مثلت هذه القبائل المختلفة روافد مهمة للاستعباد الذي عانت منه من قبل بعضها البعض، ثم من قبل قبائل صنهاجة التي بدأت نزحتها اتجاه الصحراء الشنقيطية مع مستهل العهد المسيحي، ولم تزل تتوغل فيها إلى أن استكملت السيطرة عليها خلال العهد المرابطي (القرن 5هـ/ 11م).
وقبائل إيزگارن قبائل بربرية غلب على بشرتها الاحتراق، فأطلق عليها اليونانيون الذين احتلوا قرطاج قبل مقدم الفينيقيين اسم الاتيوبيين (الحبشيين)، ومعناها عندهم "ذوو البشرة المشتعلة". وقد كتب سيلاكس في القرن4 قبل الميلاد عنهم فعرفهم بأنهم السكان المجاورون لجزيرة سرنه (بوادي الذهب)، ووصفهم باسترسال شعر الرأس واللحية، وذكر أنهم من أجمل الناس، وأنهم طوال القامة، وأن قاماتهم تصل في أقل تقدير إلى أربعة أذرع. ويذكر اگزيل أن لاتينيين كتبوا في بداية العصر الميلادي من أمثال ميلا وبلين وبطليموس أشاروا إلى اتيوبيين (حبشيين) وصفوهم بالبياض في الصحراء، ولا يريدون بذلك أن بياضهم ناصع، بل يريدون أن ألوانهم خلاسية تتميز عن ألوان الزنوج الفحمية، فالزنوج سود والحبشيون محترقو البشرة أو حمر. وهم الذين أرادهم الشيخ محمد المامي بإطلاقه في كتابه جمان البادية على هذه البلاد اسم البلاد النجاشية، ويعرفون في اللغة الصنهاجية باسم إثگرن (إيزگارن بالحسانية) التي تعني الحمر أو محترقي اللون، وهو نفس ما تعنيه كلمة الاتيوبيين (الحبشيين) عند اليونانيين. وقد مثلت قبائل إيزگارن شأنهم في ذلك شأن إخوتهم إيرناكن أول روافد الاستعباد المعروف في هذه البلاد، فقد اصطدمت قبائل إيزگارن بأفواج صنهاجة الأولى التي قدمت إلى بلاد شنقيط مستهل العهد المسيحي، وما زال صدى استعباد إيزگارن موجودا في التقاليد المروية للبيضان حتى اليوم فيقولون: "آزگير اعبيد" كان يراد به العبد المنحدر من إيزگارن، ثم أصبح يدل على العبد الأحمر مطلقا، ويرتبط في ميتيولوجيا البيضان بصفات قدحية. وإيزگارن وإيرناكن هؤلاء هم الذين أعطوا اسم الحراطين المعروف اليوم حيث اشتهروا في بلاد شنقيط بممارسة الزراعة، فكان من يمارس الزراعة منهم في الوديان وفي الواحات يدعى بالحراطين (أهرضنن) اسمهم البربري المشتق من نحلتهم، فمعنى الأهرضنن (الحراطين) الذين يزرعون البساتين، ولا يعرف ما إذا كان اشتقاقها بربرا صرفا أو دخيلا أصله الحراثون أطلقه عليهم العرب الفاتحون. وتستخدم كلمة الحراطين في لغة البيضان اليوم للدلالة على الأرقاء السابقين، لأن العبيد في الغالب سود، وكذلك حراطين إيزگارن وإيرناكن الذين مروا بعمليات تهجين مختلفة مع البيض القادمين من الشمال والسود القادمين من الجنوب، وفارقوا حمرتهم مع الزمن لصالح السواد، فتغير مفهوم الحراطين خلال العصر الوسيط لينسحب على كل أسود حر من المجتمع الضنهاجي –فلا يدخل الزنوج- وصار كل عبد ينال حريته يصبح حرطانيا على هذا الأساس. وقد تكلف البعض لكلمة "حرطاني" (أهرضنن) التي سبقت الهجرة الحسانية إلى بلاد شنقيط معنى حسانيا فجعلها محرفة عن "حر ثاني" أو "حر طاري".
وقد انتشر هؤلاء الحراطين في المناطق الصالحة للزراعة جنوب وغرب آدرار، وبنوا عددا من السواقي العجيبة تشبه السواقي التي كان حراطين زناتة يبنونها في سجلماسة في تلك الفترة، وتسمى هذه السواقي بالصنهاجية أوچگن، ومنها اسم قرية آوليگات الحالية (70 كلم شرقي انواكشوط) التي كانت من سواقيهم، أصلها أولگن (النطق الحساني لأوچگن) كما ذكر ابن أحمد يوره في كتابه الآبار بقوله: "أوچگن [التي هي آوليگات] جمع أوچگ لأن هنالك قليبا من حفر السوادين الأول، منها موضع الساقية التي احتفروها قديما وأطلعوا منها الماء فصار يغترف منها القائم والقاعد بلا حبل ولا دلو، ثم لعب بها الزمان ومشى عليها فلم يبق منها أثر ولا عثير". وكان لهؤلاء الحراطين مزارع كبيرة في المنطقة منها مزرعة اندوگچن (اندوگلي) الواقعة إلى الشرق من آوليگات، اشتق اسمها من البساتين. وأما ما كان إلى الغرب من آوليگات فلم يحرثوه، وأطلقوا عليه اسم آمكرز، ومعنى آمكرز في اللغة الصنهاجية الأرض التي تسبب الندم لمن يقوم بحراثتها.
وذكرت المراجع الوسيطة هؤلاء الإيزگارن باسم الزغرانيين، وأطلق عليهم بنو حسان اسم الحمر أو الحمريين. ولم يزالوا معروفين في بلاد شنقيط باسمهم السلالي (إثگرن) حتى عهد قريب، حيث ذكرهم البرتغالي فرناندس -الذي تحدث عن البلاد في ما بين 913هـ و914هـ/ 1506م و1507م- كإحدى الفئات الثلاث التي يتكون منها المجتمع الشنقيطي آنذاك (العرب، أزناگه، إثگرن)
 وللمزيد
http://www.alsoque.net/vb/showthread.php?t=1818