الأربعاء، 27 فبراير 2013

من العادات الأزوادية - (الطوارق)



العادات الأزوادية كثيرة كغيرها.. وربما شاركهم فيها غيرهم ممن خالطهم.. أو وافقهم فيها البعض ممن نأى عنهم.. المهم هنا أن نسلّط الضوء على بعضها مع التعريف الملخّص بها وبأهم خصائصها وفوائدها.. مع إشارة نقديّة لما يحتاج منها إلى ذلك .. كل ذلك بالتقريب أو المثال.. أو بحسب ما يقتضيه الحال..


وأذكركم بأن وجود بعض هذه العادات حتى اللحظة.. يجعل الهدف من طرحها يتجاوز مجرّد المعرفة أو التسلية بها.. بل لا بد من إبداء وجهتيها الحسنة والأخرى إن وجدت..حتى نخرج بالمفيد وندرك المقصود..

وكلّي أمل أن يحظى منكم هذا الطرح بالقبول.. وتحياتي للجميع.

وحتى يتّضح ما أريد ويقرب من الأذهان..أمثّل هنا ببعض العادات التي يمكن تناولها مع محاولة التعريف بها حسب معرفتي وباختصار شديد، وليعذرني من هم أعرف مني، وأرجو أن يتمثل إعذارهم لي في تصحيحهم للمعلومة وتصويبهم لطريقة صياغتها:


· (تبُّوبشا) وهي اتخاذ شخص معيّن أو قرابة معيّنة وقفاً للمزاح لدرجة المبالغة أحياناً وبدون إذنه!؟ بسبب قرابة تربطك به أو عرف سائد.. وسواء في ذلك المعقودة بين أفراد الأسرة الواحدة لقرابة ما.كالتي بين أبناء الأخوال..أو بين ابن العمة والخال. أو المعهودة بين قبيلة وأخرى.. كالتي بين قبيلة (الأنصار) وبين قبيلة (إمغاد) مثلاً.


· (تيبودار) وهي عادة تجعل التصرف العادي من قبلك غير مقبول تجاه شخص ما لمجرد ارتفاعه عنك نسباً قرب أو بعد.. وإن كانت ألصق عند الإطلاق بصدوره تجاه الأخ الأكبر أو من هو فوقه كالأب والعم..الخ


· (آشيُّوف) وهي عادة طريفة جميلة يقوم بها الأطفال بمساعدة وتنسيق من بعض النساء في يوم سابع كل مولود.. والمقصود منها إظهار البهجة بالمولود إضافة إلى جمع أولئك الأطفال للهدايا من أقارب المولود.. وجيرانهم.. ولها ترتيبات خاصة.. لعل من هم أعرف مني يضيفونها.


· (أكارّاد) صدقة عن الميت وغالباً ما تكون بقرة تذبح صدقة عن الميّت بعد الوفاة.. وتحتاج إلى مزيد تفصيل من أهل الخبرة.

فنطرح في كل مرة، واحدة من هذه العادات المذكورة أو غيرها( من عندكم).. ثم نعلّق عليها بما لدينا من معلومات وتنبيهات واستفسارات حولها.

وهكذا.. حتى نقف ونسلط الضوء ـ تعريفاً ونقداً وتصحيحاً وتعليقاً ـ على أكثر ما يمكن من العادات التي لها العديد من الخلفيات المختلفة عقدياً واجتماعياً وتاريخياً.

وسأترك اختيار االعادة التي سنبدأ بها لأول متفاعل يرغب في ذلك..
موضوع في منتديات مدينة السوق 
تابع 

****************************
حوارات وأراء حول ما تقدم من عادات أجاد بها بعض أعضاء منتديات مدينة السوق 
الأخ الكريم الفارس: أبا فارس.. حياك الله ضيفا عزيزا كريما.
أما ما ذكرت من العادات فهذا تصوري لكل واحدة منها: في أصلها، وواقعها والمأمول منها.
أما تبوبشا: ففهمي لها أنها في الأصل رمز للتواصل والمحبة والخصوصية، ثم هي في الواقعكغيرها من (الأشياء) مطية يركبها الأتقياء إلى صلاة الفجر في الظلم، وينيخها الآخرون أمام الحانات: بمعنى الواصل يجعلها أداة لزياة صلة الرحم، والبر كذلك في البر، وسيئ الطباع والمتربص والحاقد يتنفس من خلال بوقها بما لا يقوله إلا في كسر بيتهاوالمأمول أن تستغل هذه الخصوصيات العامة والخاصة القريبة والبعيدة لإشاعة الألفة والتحاب والحفاوة والابتسامة والكلمة الطيبة الحسنة والخدمة المادية والمعنوية...
(أما تبدوار) فهي في الأصل مرادفة للعقوق وهو من المنهيات، وأما ما ذكرت من الأخ الأكبر والعم وإن كان بعيدا فله أصل شرعي فقد جاءت الشريعة باحترام الأكبر وتقديمه، انظر إلى حديث حويصة ومحيصة .. فهي من النوع الأول من جهة ومن الثاني من جهة أخرى.. والواقع الذي عشته في محيطي ومن جاورت أو زرت أن هذه العادة جبل من أواخي البر، وسلطان وازع يكف عن كثير مما نفرت عنه الشريعة، والمأمول أن يشد ويشاد بها، ويحافظ ويحث عليها.
(أما اكارّاد) فالذي أعرف (تار أكارّد) أي فاكة القيد، وهي كما وصفت، أصل الصدقة على الميت لا يخفى لكن في تخصيصها بذبيحة وتسميتها بهذا الاسم الذي يدل على أن هناك قيدا معتقدا أن الميت مسلسل فيه حتى تذبح الذبيحة، وفيما يكون مع ذلك من ختم القرآن واجتماع الناس ... في كل ذلك التفاف أوراق إشكالات لها ظلال كثيرة تحجب الرؤية (بالنسبة لي) دون إباحتها أصلا.. مما يجعلها محل بحث ودراسة..
أما أشيّوف: فشيئ جميل جدا واضح أمره، لكن ينبه إلى أنه إن كان من أحد الأبوين، فيجب على الراجح من أقوال أهل العلم العدل بين المولود وبقية إخوانه وإن كانوا والدين ...
هذا ما سمح به الوقت والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
تذييل: أنبه في موضوع تهذيب العادات على أساسيات لا بد من الإشارة إلى أصولها:
أولا: حاجّهم بما يعرفون، ولا تحدثهم بمقدار علمك، ولا بحجم قناعتك، فأنت قد تغيرت وتطورت ورأيت وسمعت وقرأت وكتبت، أما هم فأصولهم هذه العادات، فهب أنك تخطب من سيبويه أن يكسر الفاعل. فابذل مهرا عاليا.. فالإقناع لا يتم إلا بعربون.. "ولن تسعوا الناس بأموالكم" وفي وسائل التعبير حتى تجاعيد الوجه صعيد طيب يتيمم به من لا ماء معه أوالهمزة لام.
ثانيا: تحدث عن العادات في إطار عام، ولا تجعلها عنوانا، مثلا: لا تتحدث عن هضم حق الصغير كأنك تريد أن تناقش أبا حنيفة في حجية قياس (تبودار) لكن علق بها في موضوع الإحسان والعدل وحسن الخلق والرفق وانح هذا النحو .. انحت لكل عادة إطارا مقبولا ما...
ثالثا: من المستحسن أن تقدم بالإشادة بالعادة وأن لها أصلا وفوائد، ثم تتخلص إلى مواضع سوء استعمالها ... ولا يكن كأنك تتحدث عن رفع واقع ذهني ..
رابعا: إياي أن أصدّر إلى قومي عادات الآخرين وتقاليدهم..فالناس إنما يحتاجون إلى الدين والعلم والمال.. أما العادات والأعراف فهي هي، فمن المضحك أن أسخر بــتدّبارات، وأنا ألبس العقال، أو أن أسخر بإنفد، وأنا ألبس كرافيت.. لا فرق...
أخي أبا فارس: أعتذر عن التطويل في هذا الهامش فإن الموضوع مهم جدا وأنت جزاك الله خيرا صغته بأسلوب وطيقة ومفردات هزت أعماقي .. لك تقديري وشكري
اليعقوبي 
*********************


هذه إقتباسات من كلام ابن بطوطة:
وهو من رجال القرن الثامن الهجري أردت أن أجعلها تمهيدا لما خطر في ذهني وأنا أقرأ موضوع أخي أبافارس وردود أخي اليعقوبي عليه فليعذراني إذا لم يكن طرحي في مستوى طرحهما والأمر عندي خواطر أردت أن أشارك بها لعلها تدخلنا إلى لب الموضوع 
فقد ذكرفي الصفحة 340 عندما أتى على ذكر مسوفة وبعض عاداتهم 
"ذكر مسوفة الساكنين بأيوالاتن : 
ولا يرث الرجل إلا أبناء أخته دون بنيه. وذلك شيء ما رأيته في الدنيا إلا عند كفار بلاد المليبار من الهنود. وأما هؤلاء فهم مسلمون محافظون على الصلوات وتعلم الفقه وحفظ القرآن. }
وكذالك عندما تكلم عن سلطان تكدا في صفحة 351 
"ذكر سلطان تكدا : 
{وفي أيام إقامتي بها، توجه القاضي أبو إبراهيم، والخطيب محمد، والمدرس أبو حفص، والشيخ سعيد بن علي، إلى سلطان تكدا، وهو بربري يسمى إزار " بكسر الهمزة وزاي والف وراء " ، وكان على مسيرة يوم منها، ووقعت بينه وبين التكركري، وهو من سلاطين البربر أيضا منازعة، فذهبوا إلى الإصلاح بينهما. فأردت أن ألقاه. فاكتريت دليلا وتوجهت إليه، وأعلمه المذكورون بقدومي. فجاء إلي راكبا فرسا دون سرج، وتلك عادتهم.وقد جعل عوض السرج طنفسة حمراء بديعة، وعليه ملحفة وسراويل وعمامة، كلها زرق، ومعه أولاد أخته، وهم الذين يرثون ملكه. فقمنا إليه .} 
الخاطرة الأولى : لكي نفهم بعض العادات الاجتماعية المتفشية في أمة أو شعب من الشعوب فيجب علينا العودة إلى جذور تلك العادة ما أمكننا ذالك حتى نستبين ما جرى عليها من تغير بسبب التلاقح الحضاري للأمم ,فقديما كان الطوارق يورثون أبناء الأخت ,ويحرمون أبنائهم من الميراث وقد أدا ذالك إلى إختراع مايسمى{تبوبشا} {وجهة نظر خاصة}لكي يسترد الوريث الشرعي بعضا من حقوقه المسلوبة بحكم الأعراف والتقاليدفي المجتمع الطارقي, وقد تأثرت ثقافة الطوراق بثقافة الوافدين الجدد من الدعاة ذوي الأصول العربية ومصاهرتهم لهم والعكس أيضا فيما لا يضاد الشرع, وقد اختفت ظاهرة التوريث تلك ولله الحمد وبقيت بعض المظاهر المصاحبة لها مثل تبوبشا كتذكير بمكانة أبناء ألأخت , وهي حيلة من حيل الموروث الثقافي للشعوب بعد تبنيها عقائد ومفاهيم جديدة . 
الخاطرة الثانية
تبوبشا: هي عبارة عن تصريح أو إذن للفرد الطارقي , بتجاوز الأعراف و التقاليد بحق أفراد محددين, موقع من سلطة العادات والتقاليد,يخول صاحبه بكسر القيود وتجاوز الأعراف الاجتماعية التي لم تترك شيئا إلى وأطبقت عليه, خصوصا فيما يتعلق بعلاقة القرابات , مثل أن الأخ الكبير لا ينبغي له أن يزور منزل أخيه الأصغر حتى ولوكان على فراش الموت, ناهيك عن الأكل أمام كبير السن, والعلاقة بين الفروع البعيدة للعائلة,{أهنمو} وعلاقة الحماة مع زوج ابنتها ( تاضقالت )وعلاقة القبائل فيما بينهم والأعراف التي تحكمها, فإموشاغ مثلا :يستغلونها في حماية أخوالهم من أبناء عمومتهم حيث ينبري إبن الأخت للدفاع عن أخواله وبذالك لا يجرؤ أخواله من محاربة أبناء عمومته الذي حاربهم وعاداهم من أجلهم, مع بقاء المشترك بين جميع أهل اللثام وهو {فيتوالتبوبشا}المزاح وعدم الانصياع لكل الأعراف التي يجب أن يلتزم بها الطارقي , إننا في بحر من المختلف الثقافي مع الآخر شكلته تجارب وأحداث عبر مئات السنين, وهو يتلقى الآن بعض الضربات من خلال العولمةوالهجرة و المدنية التي غزت الشعب الأزوادي, ومازال تراث الطوارق كنزا ينتظرالصياد الماهر الذي يستطيع صياغته وتقديمه للآخر, ولم أطلع في هذا الباب إلا على بعض المحاولات الخجولة من الأديبين إبراهيم الكوني والأستاذ عمر الأنصاري, فتراثنا ثري جدا.
وأهل اللثام فيما بينهم تفاوت كبير في استغلالهم لذالك التصريح بسبب تفاوت إلتزامهم ووعيهم العقدي ,وبرغم تدخل {تبوبشا }السافر في خصوصيات الفرد إلى أنني لا أرهاكلها شرمحض بل فيها من الخير الكثير إذا علمنا أن تطبيقها يختلف من طبقة إلى أخرى.
وللحديث حول العادات بقية 
رأي ابو عبدالله 
***********************************************