الخميس، 21 فبراير 2013

قصيدة الشيخ / سيدي محمد ابن المختار الكونتي الشهير بالشيح الكبير وهو من رجال القرن الثامن عشر



حاولت أن أعرف بالشيخ قاضي القضاة وشيخ الشيوخ / حنا بن أمتال السوقي الأنصاري فوجدت أني دون وصف ماوصفه به أقرانه وتلامذته فأكتفيت بنقل ما وصفه به الشيخ الكبير وأعني به الشيخ سيد محمد ابن الشيخ المختار الكنتي في رسالة أرسلها إليه حول بعض الأمور التي جرت بينهم نثرا ونظما وهذه مقدمتها 
" من عبد ربه الغفور الستار ، المعترف بالعجز وكثرة الأوزار ، الفقير محمد بن المختار ـ وهو الشيخ الكبير الكنتي ـ إلى يتيمة أعصار الفضولات ، وحضين أطئار المعقولات والمنقولات المحدث النجم العامل في الترجيح والتعديلات محمد بن نجم الأنوار وطلائع الأسرار ، وآية الليل وآية النهار ، خيرة الأخيار محمد المختار ، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما تواصلت بالفلك أبراجه ، واتصلت حركاته ، سلام محب صادق الحب في فالق النوى والحب ، حبا فأد أفئدتنا المفؤدة ، وكبد أكبادنا المكبودة ، ورسخ في منابت غراس مغارس صدور أسرارنا ، وشمخ إلى عنان جوّ فضاء سماء هممنا ، وأنوارنا حيث لا طائف يلم ، ولا خاطف ينم ، ولا رقيب يشوش ، ولا نقيب يفتش ، ولا كاتب يكتب ، ولا قاطب يقطب ، سوى ضمائر عامرة بالوداد ، غامرة من شوائب الطرد والإبعاد ،بالإعلاق الاقتراب ، خالية من علائق البين والاغتراب . أما بعد :" ثم ختم المحاورة بقصيدة خاطب بها حَنَّ وهي :

"صدت فصادت من حشاك قرونا ... قرنت بقرن من شجاك قرينا 
وعدت بما وعدت على جلد الفتى ... نبئت عهد الغانيات مخونا
يبسمن إذ بيسمن صلا كاشرا ... ويصلن يوترن السهام جفونا
فإذا لحظنك أو لفظن فنفثة ... من سحر بابل تستبي المجنونا
يروين من شهد الرضاب بسلسلا ... عن مبسم يرويه عن دارينا
ويرعن ... المستهام بفاحم ... سقيت مفارقه الشذا مفنونا
وسطت عليك بقائم من قدها ... وغدت فغاد درت الفؤاد رهينا
ونوت بقلبك رحلة فترحلت ... أترى يفيدك أن تحن حنينا
كلا ، ومن سدل القرون سلاسلا ... قرنا لمن يهوى الحسان وهونا
ورمى عن أقواس الجفون بأسهم ... تدعى حواجب للهوى وعيونا
ما للحب على الصدود جلادة ... وشكاته زلفى ، تعد ، ودينا
لا ثقل أثقل من رقيب حاضر ... حضر الوصال فراقب المفتونا
فينم من أخباره مكتومها ... ويبث من أشراره المكنونا
ما كان أطيب أزمنا موصولة ... بالوصل من سعدى وقد تدنينا
لعهودها ، عيس عوامل ضمر ... دوَّن وسع الفيح ، ما ، تدوينا
يُدنين من أضحى على إيراجها ... نحفا وتشفي من شجاه فنونا
وتظل تفلي عارض الفلوات من ... عرض وطول باللقا تغرينا
ولئن تقدمها بشير طائر ... فالطل يسبق وابلا وهتونا
فخذ الجواب إليك حَنَّ فإنه ... بعد السلام برحمة مقرونا
وبمنة وكرامة وتعطف ... وقفا عليك يجدد التأمينا
ما كان يُقدر للوشاة ومن سعى ... صرمٌ لحبل لا يزال متينا
من كان في الحق العزيز وداده ... هيهات يضعف وده ويلينا
والود يثمر والعتاب لقاحه ... زوجان حيث الود حيث يكونا
ما كان عن حدث الزمان عتابنا ... كلا ولا ثقة بما يأتينا
لكن ليظهر سر ما امتلأت به ... أحناءنا من ودكم ويبينا
ويرى الوشاة وكل من أحناءه ... حنيت على دغل ومن يشنونا
ما كان يخفى عنه من ود ومن ... قرب ومن صلة غدت تزيينا
فالتبر تخبره بحك محكه ... بعد الصلاء ذؤابة ووزينا
فإذا استبين صفاؤه ورواجه ... كان الثمين وغيره المثمونا
ما كنتم ، لا زلتم ، إلا الحيــــا ... دفعات حبكم لنا تحييـــــــــــنا 

لولا المحبة ثابت من أصلها ... وفروعها في الجو ، لم تجدونا
نولي المحبة فيكم ونودكم ... ونود فيكم كالمودة فينا
أتقول تان النسختان أهاجنا ... ممن أقام على الوداد شجونا
من بعد ما حوتا صريحا لائحا ... من كل تبرية ولو تضمينا
وجهُ الخطاب إليكم ومرادنا ... من كان ذا أحن ومن يقلينا
كيف القبول من الوشاة وقد أتى ... تفسيقهم في محكم تبيينا
بل حاصل المكتوب منا أولا ... عذر وعتبى لا جفا وظنونا
والغمص والتأبين شكلها معا ... شكل عقيم ينتج التخمينا
ما مثلكم قال الخنا أو جاءه ... التبر أنتم رائحا ورزينا
ما ضركم إخواننا ، إن كنتم ... ممن يرى بذل النصيحة دينا
بل كان فيه لعزكم وكمالكم ... حصن يحصن مجدكم ويصونا
فالنصح سنة أحمد الهادي كما ... قال ، النصيحة ، حيث حد الدينا
لا زلتم شمسا تضئ على الورى ... ومعالما ، ومكانكم مأمونا
وأهلة يدري بها الميقات من ... حج المكارم حقبة وسنينا
وعلى الرسول محمد أزكى الورى ... أزكى صلاة تصحب التأميناة "(1)

(1) نقلا عن كتاب الجوهر الثمين في أخبار الملثمين 
الشيخ العتيق إبن سعد الدين الإدريسي السوقي